مر على بضعة أسابيع ما بين سفر وعودة ثم تأمل لما يحدث فى الأمة من أحداث متسارعة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، وللحق كنت كلما مرت الأيام أجد أن الصعوبة تزداد فى العودة للانخراط فى الكتابة بشكل دورى كما هى عادتى فاسم علا الشافعى وخالد صلاح زميلى فى الجريدة فى صفحة الحوادث كمتهمين فى قضية سب وقذف بسبب عنوان مقال لم يرق للرئاسة ثم تواتر الأخبار عن متهمين آخرين من زملاء صحفيين بجرائم مختلفة لمجرد أنهم كتبوا رأيهم فى قضية هنا أو هناك، أقول إن مثل هذه الأخبار استوقفت عقلى عن الكتابة ليس خوفا على الإطلاق من لحظة راهنة ولكن خوفاً مما هو قادم بشكل أكبر. وقد يقول قائل أليس هناك من موضوعات تكتبينها إلا عن رئيس حتى تهجرى الكتابة؟ فإن كانت الكتابة عنه تجلب المتاعب فالحياة فى مصر فيها كثير من المياه الجارية التى تسمح بتنوع المكتوب والموضوع ولا إذا مكتبتيش عن الرئيس والإخوان يبقى كخة؟ وهو سؤال أو تعليق له وجاهته ولكن أرد عليه بسهولة حين أقول إن الكتابة عمل حر تلزمه حرية لا نضع لها أسوارا كأن نقول أنت حر أن تكتب عن كذا ولكن لا تقترب من كذا وكذا وكذا، فى مثل هذه الحالات يجد الكاتب نفسه غصباً عنه لا يستطيع إلا أن يفكر فيما هو ممنوع ومن قبلنا قالوا الممنوع مرغوب. ولكن على كل حال لقد سمحت لى الفترة الماضية أن أفكر بهدوء وأجد مخرجا لمأزق أعانيه وأكيد أن كثيرا من زملائى سواء فى الإعلام المكتوب أو المرئى يعانونه هم الآخرون، فتذكرت قصة لاسم فيلم كنت طرفا فيها ووجدت فيها الحل، أما الفيلم فهو «اللى بالى بالك» الذى قام ببطولته محمد سعد كثانى بطولاته بعد اللمبى من إخراج وائل إحسان. وكانت شخصية اللمبى كما ظهرت لأول مرة فى فيلم الناظر من تأليف أحمد عبدالله وإخراج شريف عرفة هى مصدر فيلم اللمبى وأول بطولة لسعد وعلى غير المتوقع نجح الفيلم نجاحاً مدوياً وأحب الجمهور الشخصية كبطل فقرر آل العدل أن ينتجوا جزءا ثانيا لنفس الشخصية ولكن بكاتبين آخرين وهنا ظهرت مشكلة بين عدة أطراف من مؤلف ومخرج ومنتج كل يؤكد أنه صاحب الحق فى الشخصية واسمها بعد أن نجحت وخروجا من المأزق اقترح محمد العدل على أخيه سامى أن يكون اسم الفيلم اللى بالى بالك وبالتالى لا يستخدمون الاسم كعنوان ولكن يفهم منه مدام سعد بطله أنه الليمبى وهو ما قد حدث.
وللحق فقد أوحت لى قصة هذه التسمية للفيلم بمخَرج لكل صحفى مثلى يريد أن يكون حراً فى تفكيره وكتابته فليكن اللى بالى بالك هو شعارنا لأننا فى زمن اللى بالى بالك. ولأنى أرى أن الإعلام حتى الآن يبدو عصياً على اللى بالى بالك فقد قرر أن يوريهم العين الحمرا وآخر العيون الحمراء كانت للزميل الكاتب ووكيل نقابة الصحفيين جمال فهمى الذى فوجئ بأنه مطلوب للتحقيق بتهمة السب والقذف للى بالى بالك ليه وعلشان إيه ميعرفش المهم أنه علم كما علمنا نحن الشعب لأول مرة أن هناك لدى اللى بالى بالك إدارة للشؤون القانونية تقوم بمهمة الإبلاغ عن الصحفيين العصاة، لكن لأن اللى بالى بالك أستاذ كرسى فى المناورة فقد خرج المتحدث الرسمى باسمه ليقول والنبى مش إحنا خالص ده على أساس إن الشؤون القانونية للى بالى بالك غير اللى بالى بالك بنفسه، مثال عبثى ساخر لإدارة أكثر عبثاً بعقولنا ولكنه كما قلت زمن اللى بالى بالك. كل رئيس حكم هذا البلد قال فى وقت ما أنه لن يُقصف قلم فى عصره ولكنهم قصفوا أقلاما وتركوا أخرى أما اللى بالى بالك فقد قرر أن يريح نفسه ويريحنا فهو يريد أن يجمع الأقلام من كتابها والكاميرات والميكروفونات من أصحابها ليرتاح ويريح وهو يفعل ذلك حتى الآن بوسائل تبدو خايبة، وللحق ما يخيفنى ليس اللحظة ولكن ما هو قادم فمع اللى بالى بالك لا تستطيع التنبؤ ليس لذكاء الطرف الآخر ولكن لعدم حرفيته وكم من عدم حرفية حتى فى الخصومة كلفت أمما وبشرا، فهل لم تدفع مصر حتى الآن ما يكفى؟!