بعيدًا عن موقفنا المبدئى من طريقة تعيين النائب العام الجديد، فإن المراقب المحايد يلاحظ أن هناك مياها جديدة جرت فى نهر استرداد أموال الدولة المنهوبة على أيدى رجال النظام السابق، وأن مفهوم العدالة الانتقالية قد جرى تفعيله بصورة واضحة تؤدى إلى استرداد مبالغ مالية كبيرة ممن نهبوا واستغلوا وسمسروا وتاجروا وتربحوا وتلقوا الهدايا التى هى ثروات كبيرة، لمجرد كونهم موظفين عموميين لدى الشعب.
وإذا كان رجال النظام السابق قد نهبوا بالفعل أموال هذا البلد، وأفقروه، وأخرجوا الجانب الأكبر من نهيبتهم إلى الخارج، وإذا كانت الدول الأجنبية التى تلقت هذه الأموال الفاسدة المنهوبة تناور وتحاور وتتفاوض بهدف عدم إعادة تلك الأموال أو الحصول على نصيبها غير المشروع منها، فالأصوب والأسلم أن يتم عصر هؤلاء الناهبين من رجال النظام السابق عصرا ماداموا تحت أيدينا، وعدم السماح لهم أو لأسرهم باستنشاق عبير الحرية والراحة للاستمتاع بما سرقوه، أما من هم ليسوا تحت أيدينا، فيمكن وضع يد الدولة على جميع أصولهم وممتلكاتهم فى الداخل فورا وتأميمها لصالح البلاد، ورهنهم فى شتاتهم إلى حين استعادتهم بطريقة أو بأخرى، ليس حبا فى وجوههم العكرة، إنما لاستعادة النهائب والسرقات العامة.
ما يؤكد صواب هذا المنطق أن مسؤول منع الجريمة فى وزارة الداخلية البريطانية جيمى براون أعلن فى مؤتمر صحفى بالقاهرة أن بلاده - وهى بالمناسبة إحدى الدول الكبرى التى مازالت تستنزف البلاد العربية والأفريقية من خلال تحويلات المسؤولين الفاسدين إليها - لا ترتبط بموعد محدد لإعادة الأموال المنهوبة والمحولة إليها من مسؤولى نظام مبارك، لأنهم نجحوا فى إخفاء أموالهم بطريق معقدة فى لندن. ودعا براون المصريين إلى عدم توقع نتائج فورية فيما يتعلق بملف استعادة أموالهم، يعنى الراجل قال لنا فى عقر دارنا وبالإنجليزية الفصيحة «انسوا»!
الحل إذن فى إرهاق هؤلاء الناهبين من قضية إلى أخرى، ومن حبس احتياطى إلى آخر، حتى الحصول على آخر جنيه نهبوه. لا يجب أن نسمح لهم باستنشاق عبير الحرية أو التنعم بالراحة لأن 40 مليون مصرى فقير ومريض وعاطل لم يصلوا إلى ما هم فيه من بؤس إلاّ بسبب طمع هذه الطغمة الفاسدة، وسعيهم لتكوين ثرواتهم الحرام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة