وائل السمرى

الحلول اليسيرة لأزمة المرور العسيرة

الأربعاء، 16 يناير 2013 02:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مقال أمس حاولت أن أرصد ما نتكبده سنويا من وقود مفقود بسبب الأزمات المرورية، وقلت إننا نتكبد سنويا ما يعادل 15 مليار جنيه كحد أدنى، أو 30 مليار جنيه كحد أقصى، ودعوت الحكومة إلى النظر فى حل مشكلات المرور التى تنهش فى دعم الوقود نهشا مسعورا، قبل أن تحاول أن تخفض هذا الدعم أو تلغيه، وفى الحقيقة لا تتوقف مشكلة الزحام المرورى عند مسألة النهش من الدعمو وإنما تتعدى ذلك لتخلق مشكلات كثيرة، فهى تقتل السياحة وتطفش المستثمرين، وتقتل «المحروسة عجلة الإنتاج» وتتسبب فى خلق مزاج عام مضطرب، يؤثر على عموم الشعب المصرى الذى يضيع نصف عمره فى الزحام.
الأغرب من الغريب أن مشكلة الزحام المرورى فى مصر قد تتقلص إلى النصف تقريبا دون تكلفة تذكر، فشوارع القاهرة ليست بالحالة السيئة تماما، بل إنها تتفوق من حيث سعتها وتخطيطها على الكثير من أكبر عواصم العالم، فشارع أكسفورد الذى يعد أكبر شوارع لندن وأكثرها ازدحاما بالمتاجر والناس والسيارات، لا يزيد عرضه على ‏20‏ مترا‏‏ فى حين يصل عرض شارع‏ 26‏ يوليو فى القاهرة إلى‏25‏ مترا، لكن بالطبع ليس بشارع أكسفورد «حفر» مثل تلك الموجودة فى شارع 26 يوليو، كما أن الشارع لا يستخدم إلا كـ«شارع»، وليس كـ«جراج»، وبمناسبة «الجراج» فإن ترك السيارات فى الشارع يسهم فى خلق اقتصاد سرى لحساب «السيّاس» الذين أصبحوا أكثر من السيارات ذاتها، ولا أعرف لماذا لا تنشئ الحكومة «جراجات» متعددة الطوابق تحت الأرض فى نفس المساحة التى تحتلها الجراجات السطحية - جراج دار القضاء العالى نموذجا - وليعمل بها نفس «السياس» لتذهب حصيلة تلك الجراجات إلى الحكومة لتبنى بها جراجات أخرى، وبذلك نكون قد وفرنا فرص عمل، وأسهمنا فى تجميل شوارعنا وخففنا من حدة الزحام.
حل آخر قصير المدى عظيم المفعول، يتلخص فى إلزام الحكومة بسد الحفر وإزالة المطبات فى الطريق، ولو فعلنا هذا لوفرنا عشرات الدقائق الغالية، ووفرنا أيضا مئات اللترات من البنزين المدعم لأنه من المعروف أن السيارة تستهلك بنزينا أكثر كلما تعطل سيرها، ناهيك عن إنه كلما كانت الشوارع مزدحمة، تسببت «الحفر والمطبات» فى تعطيل عشرات السيارات وليس سيارة واحدة، ويا حبذا لو بذلت وزارة الداخلية بعض المجهود لإزالة التعدى على الطرق فى وسط البلد، فمنطقة الإسعاف وحدها تعطل كل الآتين من وسط البلد والخارجين منها، والسبب هو بلطجة البائعين وسائقى الميكروباص على الشارع، لدرجة أنهم توغلوا فى الطريق وباتت الحارة التى تتسع لثلاث وربما أربع سيارات لا تستوعب إلا سيارة واحدة، ولو أضفنا إلى ذلك منع السيارات من الوقوف على مطالع ومنازل الكبارى لأصبحت الفائدة أعظم.
كل تلك الحلول لن تكلف الدولة شيئا، ولن تستغرق أكثر من شهر أو بضعة أشهر من العمل الجاد لتصبح واقعا، وختاما سأضرب لك مثالا واحدا لحل مشكلة مرورية مزمنة، يعانى منها جميع المقيمين بمحافظة الجيزة، وجميع القادمين إليها أو مغادريها، ألا وهى مشكلة التكدس المرورى فى منطقة جامعة القاهرة التى تشل حركة المرور على محور صفط اللبن وشارع الدقى والجامعة ويمتد تأثيرها حتى تصل إلى كوبرى الدقى والمهندسين، فبسبب باب كلية التجارة الذى يعج بالخارجين منه والداخلين إليه، تتوقف حركة سير السيارات تماما فى هذه المنطقة حتى أصبحت كابوسا محققا لكل ساكنى بولاق وصفط اللبن والجيزة، وحل هذه المشكلة لا يتطلب أكثر من كوبرى مشاة، لا يتكلف سوى بضعة مئات من الآلاف، إذا كان الكوبرى خرسانيا، أما إذا أردنا أن يكون كهربائيا «وآخر حلاوة» فلن يتكلف أكثر من ثلاثة ملايين، لكن حكومتنا الرشيدة تفضل أن تثقل كاهل الاقتصاد الوطنى بثلاثين مليار جنيه كل عام، أو تلوى عنق المواطن بسحب الدعم، على أن تخطط «قليلا» وتتعب «قليلا» من أجل من وضعوا ثقتهم فيها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة