كذب الحكومة ليس له أرجل ولا أذرع حتى لو كانت حكومة بدقن وطاهرة وتتظاهر بأداء الفروض الخمسة، فقد حاولت الحكومة الحالية برئاسة الدكتور هشام قنديل الكذب على الناس والضحك عليهم بأن قرض الصندوق لا يحمل معه أى شروط كما يدعى «المفلسون والمتشائمون» من خبراء الاقتصاد وأصحاب الخبرة والمعرفة بالصندوق وبلاويه وشروطه المجحفة.
حاولت الحكومة تجميل صورة الصندوق وإظهار الجانب الإنسانى فيه والتى لا يعلمها أمثالنا من الحاقدين على إنجازها فى الاقتراض والاستدانة، واعتبرت القرض من باب الشفقة والإنسانية من جانب الصندوق الدولى الذى تحول بين ليلة وضحاها إلى صندوق بديع ورائع وإنسانى يراعى ظروف مصر الصعبة وثورتها المتعثرة، وبالتالى سيمنحها القرض من أجل خاطر سواد عيون حكامها الجدد لوجه الله وبدون شروط لرفع الدعم ولا الأسعار ولا تحرير سعر العملة المحلية أمام باقى العملات الأجنبية وخاصة الدولار الذى يرتبط به الجنيه فى صعوده وهبوطه ويتم الاستيراد به.
ولأن معظم أعضاء الحكومة الحالية بما فيهم هشام قنديل نفسه لا علاقة لهم بالاقتصاد- حسب مناصبهم السابقة على الوزارة - أو حاولوا إخفاء الحقائق على الناس فقد كذبهم ما يحدث الآن على أرض الواقع، فسياسة رفع الدعم بدأت من البنزين وأسعار الكهرباء والغاز ومياه الشرب ثم بدأ الدور الآن على تحرير العملة المحلية وتراجع سعر الجنيه أمام الدولار فى أقل من أسبوع إلى حوالى 40 قرشا. وهنا الكارثة الحقيقية التى يؤكدها الواقع وليس «المفلسون»، ومعنى ذلك أن هناك موجة ارتفاع كبيرة فى الأسعار وخاصة أسعار السلع الغذائية. والدكتور هشام قنديل وحكومته أول العارفين بأن مصر تستورد سلعا بنحو 60 مليار دولار سنويا من الخارج – بما يساوى 400 مليار جنيه - ومنها السلع الغذائية الأساسية مثل القمح واللحوم بأنواعها والدواجن إضافة إلى السلع الزراعية ووسائل النقل وغيرها، وهذا معناه ارتفاع أسعار تلك السلع التى نستوردها مع ارتفاع أسعار الدولار وانخفاض قيمة الجنيه والمرشح لمزيد من الانخفاض مع عدم قدرة البنك المركزى على ضخ مزيد من العملة الصعبة إلى السوق المحلية.
الفقراء من هذا الشعب هم الذين سيتحملون العبء الأكبر من موجة الأسعار القادمة التى تنذر بغيوم اجتماعية ملبدة بسحب الغضب الساطع من قلب العشوائيات والأحياء والمدن الفقيرة.