وائل السمرى

أنت الخطأ الـ11 يا دكتور معتز

الإثنين، 21 يناير 2013 04:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى بداية معرفتى بكتابات الدكتور معتز بالله عبدالفتاح كنت أشعر كلما قرأت له بأننى أقرأ لأحد «المستشرقين» الذين يعرفون الكثير من المعلومات ويفتقدون الخبرات الحية التى تعمق تلك المعرفة وتهذبها، وتأكد إحساسى هذا حينما قرأت له مقالة قديمة بعنوان «هل مصر بحاجة إلى العلمانية» قال فيها إنه لا وجود للدولة الدينية فى الإسلام، وبالتالى لا حاجة لنا بالعلمانية التى تقف ضد استبداد الكنيسة، وبرر منطقه هذا بأن الدولة الدينية لا تقوم إلا على ثلاثة مؤشرات هى: أن يكون للسلطة الدينية جيش خاص، وأن تسقط اعترافها بالقوانين المعمول بها، وأن تفرض ما يشبه الضرائب على أتباعها، وقال إن تاريخ الإسلام يشهد بأن هذه المؤشرات لم تتوافر، وبناء عليه قرر سيادته أنه لا وجود للدولة الدينية فى تاريخ الإسلام، ولذلك فمن الخطأ أن نتخوف من إقامة دولة دينية فى حاضر الإسلام!!
حينما قرأت تلك المقالة شعرت أنى أقرأ «كذب متستف» وهو الأكثر إقناعا من «الصدق المنعكش» ولأنى كنت حسن النية به قلت إن هذا الزعم لا يدل على جهل سيادته بالتاريخ فحسب وإنما جهله «ولا أقول تضليله» بالواقع أيضا، فلم تقم أى دولة فى تاريخ الإسلام الممتد منذ الدولة الأموية وحتى الدولة العثمانية، وتوافرت فيها الثلاثة مؤشرات التى أنكر وجودها، كما أنه لم يكن بحاجة إلى النظر إلى التاريخ لكى يطمئننا على الحاضر، وكان عليه أن ينظر إلى الحاضر ليعلم أن التاريخ البائس فى طريقه للتكرار، لأنه كان من المفترض أن يعرف أن جماعة كالإخوان مثلا «ولم تكن حازمون قد أنشئت بعد» لها مليشياتها الخاصة باعتراف مرشدها السابق الذى كان يفاخر بأنه على استعداد بأن يعد عشرة آلاف شهيد فى نصف ساعة، ولها ضرائبها الخاصة التى يفرضها المرشد على الأعضاء، كما أنها تسقط التعامل بالقانون المتداول حتى وإن اعترفت شكليا به لأن قانونها هو قرارات المرشد وأعوانه.

منذ ذلك الحين وأنا أتعامل مع كتابات الدكتور معتز باعتبارها «تحذلقات استشراقية» بل واعتبرت هذا اللقب الذى يحمله كأستاذ للدراسات السياسية بجامعة ميتشجن الأمريكية والذى يصدره كـ«كارت إرهاب» لمن يعارضه، عامل تدعيم لاعتباره أحد المستشرقين أو المستعربين الجدد، لكن منذ أن بدأ فى الاشتراك فى صناعة القرار وفى حلوله على موائد طبخ القرارات العسكرية ثم الإخوانية تغيرت نظرتى له، وبدأت أنظر إليه نظرة أخرى ملؤها الارتياب، ودعم خطابه «المظفلط» ارتيابى هذا، فهو يقول ولا يقول، يصرح ولا يصرح، يلمح ولا يلمح، يملأ أحاديثه بـ«ربما» و«إن صح هذا» و«قد يكون» وحينما تنتظر أن يقول رأيا واضحا تجده يستعرض بالمقولات والمصطلحات التى لا تشفى ولا تشبع، فهو إسلامى يصرح بليبراليته، ناصرى بميول إخوانية، ثورى عسكرى دينى مشترك، يقول الرأى وعكسه دون أن يعتذر عن الرأى ولا يبرر عكسه، مريض بداء الوسطية التى تشوهت على يد أمثاله فحولها من مبدأ تصالحى إلى مبدأ تلفيقى، مدججا بالمقولات المشبعة بالثقافة الغربية لكنها لا تؤمن بها ولا تعرف بميزاتها، كان رديفا للعسكر مبررا لوجودهم واستبدادهم، ثم عمل مستشارا لعصام شرف وقت أن كان رئيسا للوزراء ولا أنسى له تهديده للمعتصمين بفض اعتصامهم بالقوة، ثم التصق بالإخوان وجمعيتهم التأسيسية المشبوهة، وبرغم كل ذلك يعتبر نفسه مستقلا، وله من القدرة على المغالطة والتلون ما جعله يكتب مقالة نشرت فى جريدة الوطن أمس يحلل فيها أخطاء الثورة المصرية ويقول إن هناك عشرة أخطاء كارثية وقعت فيها الثورة دون أن ينتبه إلى أنه كان أحد صناع هذه الأخطاء الكارثية، أو يدرى أنه الخطأ رقم 11.
نكمل غدا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة