أحداث قسم شبرا الخيمة مساء أمس الأول تكشف بوضوح أننا أمام حالة مستعصية من الانفلات والاستهانة بالقانون لدى عموم المواطنين، وهو ما تكرر بعد ذلك فى أحداث متتالية كاشفة، منها الاعتداء على مكاتب البريد وقتل حراسها لسرقة خزائنها، واقتحام الوزارات والمصالح الحكومية للتعبير عن رفض سياسات أو للمطالبة بحقوق، فضلا عن الاعتداء على المسؤولين سواء كانوا وزراء أو موظفين فى الجهاز الإدارى للدولة.
كيف وصلنا إلى هذه الحالة الخطيرة من الانفلات؟ ولماذا يلجأ المواطنون إلى العنف على هذه الصورة المتكررة؟
كنا نبهنا مرارا وتكرار إلى خطورة نتيجة استهانة الإدارة الحاكمة بسلطة القانون أو التشكيك فى القضاء، وقلنا إن هذا التوجه غير المسبوق من شأنه أن يحول المواطن العادى إلى مشروع بلطجى أو فتوة، دون أن يكون بالضرورة له سجل إجرامى أو مخالفا للقانون، لكنه ومع الدهس المتعمد للقانون وآليات تشريعه وتطبيقه، لا يجد المواطن أمامه إلا أن يأخذ ما يراه هو حقا له بذراعه أو بقوة أهله وعشيرته وبسلاحه الشرعى أو غير الشرعى، وتصبح الدولة مجموعة من النغمات النشاز التى تعزف كلها فى اتجاه التحول إلى غابة.
وإذا أردنا المصارحة، فإن تحول دولة القانون إلى غابة يدافع فيها كل مواطن عن مصالحه بالقوة، حالة لا يعالجها إلا أمران، إعلاء السلطة الحاكمة من سيادة القانون فعلا لا أقوالا وشعارات مرسلة، والبدء بتنفيذ الأحكام القضائية فورا، والإسراع من قبل القوة التنفيذية ممثلة فى الجيش والشرطة فى إعادة هيبة الدولة وردع المنفلتين بالقانون.
ولا يمكن أن تعود هيبة الدولة من خلال أحد هذين الحلين فقط، فلابد للدولة وسلطتها العليا أن تنصاع للقانون أولا وأن تضمن تنفيذه، قبل أن تعود هيبة الدولة والردع بالقانون إلى مكانه كسلطة منظمة فى المجتمع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة