كنت أتجنب الحديث عن الدكتور «معتز بالله عبدالفتاح» ومن هم على شاكلته قبل ذلك لعدة أسباب، أهمها أننى أريد أن أكون حسن النية إلى أقصى حد، وأننى أقدر فكرة «كل ابن آدم خطاء» لكنى لم أجد مهربا من تأمل هذه الظاهرة اللافتة «ظاهرة التظاهر بالوسطية» وكشف حيلها، خاصة الآن، لأنها تحضر نفسها من جديد للعب نفس الدور الذى أدته سابقا فأورثنا ورما مستفحلاً فى قلب الوطن ومستقبله، وتميز «عبدالفتاح» بأنه لا يريد أن يلعب هذا الدور فحسب، وإنما لا يريد أن يعترف بأن «خير الخطائين التوابون» ومضى عبر مقاله المنشور بجريدة الوطن يوم الجمعة الماضية بعنوان «الأخطاء العشرة فى مسيرة الثورة المصرية» يحلل وينظر ويخطب، وفى الحقيقة أنا لم أكن أنتظر ممن هم فى مكانة «معتز» أن يحللوا أو ينظروا، وإنما كنت أنتظر الاعتذار عما ارتكبوه من أخطاء، وليس جلد من وثقوا فيهم فاتبعوهم.
غاية الاستفزاز فى مقال عبدالفتاح هو قوله إن تولى عصام شرف لرئاسة الحكومة كان خطأ دفعنا ثمنه غاليا، لأنه ليس من الثوار، وهو الأمر المحير فى هذا الرجل الذى عمل حتى آخر اللحظات مستشاراً لعصام شرف وظل حتى اقتراب رحيله عن الوزارة مقرباً منه وساعده الأيمن، والأكثر من ذلك أنه أحد الذين روجوا لفكرة أن عصام شرف يريد أن يصلح لكن المجلس العسكرى يكبله، لكنه لم يكتف بهذا بل قال فى مقاله الكارثى أنه كتب مقالاً أغضب السلطة فى منتصف 2011 بعنوان «قطار لا يطير» ادعى أنه هاجم فيه السلطة لأنها ليست ثورية، ولأنى أتذكر هذا المقال جيداً فأنى أحتار فى وصف هذه الادعاءات، فلم يكن المقال إلا لإحباط من تمردوا على حكم العسكر، ولم يكن إلا تخديرا للمطالبين برحيله، فقد وصف «عبدالفتاح» حكم العكسر فى هذا المقال بأنه كالقطار الذى اختارته الناس «لما به من كفاءة ومتانة» ثم مضى ليهول من مخاطر الإطاحة بالمجلس العكسرى قائلاً: «لو أردنا القطار ثوريا، فسيقفز بنا فى النيل» فبالله عليكم أى غضب من الممكن أن يشعر به حاكم يوصف «بالقوى المتين» فى وقت كنا نهتف بسقوطه، وأى ادعاء زائف للبطولة المتخيلة يدعيه «عبدالفتاح» وهو الذى كان يداهن العسكر بالقول بأن «الجيش لم يجهض الثورة» (الشروق 2 أبريل 2011) وأن القوات المسلحة ثورية ولكنها محافظة، وأفضل الثائرين هو من يملك القدرة على «فرملة» طموحاته المثالية حتى لا تنقلب السيارة بمن فيها!!
والحقيقة أننى اكتشفت أن خاصية تغيير المواقف وقلب الحقائق لم تكن جديدة على «عبدالفتاح» فهو قبل الثورة وصف السلفيون بأنهم «أعوان السلطان» أما بعد الثورة فقد أصبحوا أصدقاءه وأحبابه وزملاء «دكة» فى جمعية الدستور، وقبل الثورة أيضاً كان يتبنى موقف المعارض الوطنى الذى يشكر الحزب الوطنى على استطلاعات الرأى وقرارات الحكومة (انظر مقالة قرارات صحيحة الخميس 21 أكتوبر 2010) ويشكر الرئيس مبارك على تحقيق «درجة عالية من مهنية القوات المسلحة المصرية بحيث تبتعد عن أى دور سياسى مباشر» (الشروق الجمعة 5 يونيو 2009) ملقياً فى عين المعارضة «شوية ملح» بانتقاده لانتهاكات الانتخابات، وسعى الحزب للتوريث، لكنى لا أنسى طبعا أنه كان أحد من روجوا إلى فكرة فساد المحيطين بمبارك دون التحدث عن مبارك نفسه، مؤكداً إبان تزوير انتخابات مجلس الشعب فى (الخميس 18 نوفمبر 2010 ) أنه «ليس من مدرسة القفز على القوانين مهما اختلفنا معها» وأنه كان من الذى هبطوا بسقف طموحات الثورة إلى مستوياتها الدنيا متهما الجمعية الوطنية للتغيير بأنها لا تدرك قوتها متبنيا وجهة نظر مبارك الذى كان يدعو البرادعى لعمل حزب والترشح لانتخابات الرئاسة ليتم حرقه تماماً فى الانتخابات المزورة التى سيعترف بها «عبدالفتاح» لأنه «ليس من مدرسة القفز على القوانين مهما اختلفنا معها».
نكمل غداً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة