أكرم القصاص

الأمل.. الفريضة الغائبة

الجمعة، 25 يناير 2013 07:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أهم ما قدمته ثورة يناير كان الأمل. كان خروج الملايين لرفض التزوير والظلم والفساد والقمع. هذا الأمل وصل إلى ملايين الفقراء والمظلومين، الذين اكتشفوا أن الحياة فى ظل التسلط ليست قدرا، وأن هناك إمكانية لتغيير الواقع، وبناء مستقبل أفضل لأبنائهم. كان الأمل بسيطا وواضحا. كانت إزاحة مبارك، وإنهاء التجديد الأزلى وإغلاق باب التوريث، يبدو بعيد المنال، لكن الثورة جعلته ممكنا. الأمل أيضا صنعته وحدة الشعب فى الميدان واختفاء التقسيمات الدينية والعرقية والمذهبية والسياسية، وكان التحرير نموذجا للعمل الجماعى.
لكن ما بعد الرحيل، كشف عن أن إنهاء النظام المتسلط خطوة قد تبدو أسهل من بناء نظام ديمقراطى يسمح بمشاركة الشعب، وينهى الاحتكار السياسى والاقتصادى، ويعدل الميزان المختل، لصالح قلة تستأثر بالسلطة والثروة، على حساب أغلبية فقيرة ومظلومة تواصل الانحدار اجتماعيا، ويتم استبعادها سياسيا.
مع مرور الوقت بدأ الأمل يتبخر ويخفت. ويتم تقسيم الشعب بأشكال مختلفة لصالح استقطابات دينية وسياسية وتصنيفات تمت كلها لأسباب سياسية وإن استخدمت أوصافا دينية أو أمنية. وظهرت حملات التكفير والتخوين والتصنيفات التى لا تقوم على قواعد ولا أصول، وإنما تتم لأهداف سياسية. وبالتالى فقد هزمت السياسة الثورة، وامتصت أهم أهدافها وميزاتها، الأمل، والوحدة. وحلت الفرقة والغضب مكانهما.
ووسط هذا التقسيم والاستقطاب، وبسببه، تشكلت الخريطة السياسية بنفس الطريقة القديمة، وكأن عصرا طويلا من الاحتكار والاستقطاب لم يرحل. وعليه فإن الأمل مع الزمن بدأ يخفت ويتراجع وتحل مكانه أسباب الغضب.
جزء كبير مما يحدث يتعلق بعدم شعور الأغلبية بثمار الثورة، وأن أحوالهم تغيرت للأفضل، بعد عامين. لم تظهر بوادر لتحسن فى أحوال الأغلبية الفقيرة، وسياسيا ماتزال هناك فجوة واسعة بين السلطة ممثلة فى الرئاسة وحزب الحرية والعدالة من جانب، والمعارضة والتيارات السياسية من جانب آخر، حيث تتعامل الرئاسة بتجاهل واستخفاف مع المعارضة. وتراهن بطريقة مبارك على أن المعارضة قليلة العدد، منقسمة وموزعة، لكن من يروجون لذلك يتجاهلون حقيقة أكدتها ثورة يناير، أن المعارضة ليست فقط التيارات السياسية العلنية، لكن الشعب نفسه الذى نزل فى يناير بمختلف فئاته مايزال على سخطه وغضبه.
ثم إن المعارضة التقليدية ماتزال غير قادرة على تلبية مطالب الشعب، فى التوحد والتنظيم وإنكار الذات، وتقديم الشباب. وما تزال تتعثر فى خطواتها، وتبدو خلف الشباب بخطوات.
الشباب الذين شاركوا فى الثورة يشعرون بأن السلطة بعيدة، تعجز عن فتح قنوات للحوار، وتتجاهل حجم التغيير فى الوعى السياسى العام، وأن المعارضة ليست على مستوى أحلامهم.
وبالتالى.. عندما تخرج مظاهرات للتعبير عن كل هذا يظل التعامل معها بتجاهل أو توجس، مع عدم القدرة على فتح حوار والتفاعل مع المطالب بالقبول أو الرفض. وهى طريقة تسمح بنمو للغضب، قد يتجاوز التعبير عن الرأى.
الخطر الحقيقى على الثورة هو فقدان الأمل، وترك الغضب ينمو، واستعادة الأمل هى الخطوة التى يمكنها أن تعيد فكرة الثورة وأهدافها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة