وأنت تتحدث الآن عما جرى للثورة بعد عامين منها عد إلى الأسابيع الأولى التى تلت تنحى مبارك «11 فبراير عام 2011»، وكم الأحلام التى تصورنا أنه لا يفصلنا عنها أكثر من عقلة أصبع، عد إلى هذه الأيام حتى تعرف كيف وصلنا إلى ما نحن فيه الآن؟.
عد إلى هذه الأيام لتتذكر أن المصريين استعادوا أنفسهم، ولا أنسى أحد شيوخ قريتى، وهو يقول لى: «احنا دلوقتى بنشم هوا نضيف»، والمثير أن هذا الرجل أضاف لى: «ما تيجى نعمل جلسات صلح لكل المتخاصمين فى البلد»، هكذا عبر بتلقائيته المدهشة عن روح متفائلة للمستقبل، وظن أن خصام الناس لم يعد له مجال فى «وطن جديد».
فى الذاكرة، شباب نزلوا إلى الشوارع لتنظيفها وتزيينها بأعلام مرسومة على الأرصفة، ومساهمات ذاتية لم يبخل الناس بها من أجل وطن نظيف، فى الذاكرة كانت الدموع تسيل كلما نظرنا إلى صور الشهداء، وأسماء بالفاسدين فى منشورات محلية تشمل أركانه الذين يعششون فى مفاصل الدولة، وتحذيرات لكل من لا ينتبه إلى أن الثورة قامت لدق حصون الفساد.
فى الذاكرة مسلم بجوار مسيحى ولا حديث عن الفتنة الطائفية، الكل منصهر فى بوتقة وطنية واحدة، واللعنة على نظام كان يلعب بورقة الفتنة الطائفية حتى يواصل لعبته الأمنية من أجل البقاء.
فى الذاكرة أحلام تسع الكرة الأرضية، وحديث عن مشروعات قومية هائلة بأفكار مصرية لم تجد فرصتها مع نظام فاسد، وفى الذاكرة سواعد مفتوحة لتحمل الصعاب، وشباب يعود من إحباط البطالة إلى آمال وجود فرص العمل للعيش بكرامة.
فى الذاكرة مصريون مهاجرون يريدون العودة، ويسألون عن فرص الاستثمار، ويقترحون مشروعات، ويطرحون أفكارا،ويهيئون أنفسهم لوداع الغربة للمشاركة فى بناء الوطن.
فى الذاكرة عمال حلموا بنزف العرق من جديد لأجل بناء المصانع، وعمال يناضلون من أجل استعادة شركاتهم التى دهستها الخصخصة بالفساد، وفلاحون يحلمون باستعادة حقوقهم المسلوبة وحياة كريمة، وتعليم أكثر ارتقاء.
ماذا حدث حتى لا نجد أشياء من تلك على أرض الواقع؟ من أخذ هذه الأحلام ودفنها تحت التراب؟ من أخذها ليدخلنا فى كل تلك المتاهات؟ هل كنا نعيش أحلاما أكبر منا، أم أن الذين حكمونا ليسوا على مستوى أحلامنا؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة