شوف ببساطة وباختصار ومن غير لف ودوران وتحليل وتفسير للوضع الصعب والخيبة القوية التى نعيشها فى عهد الدكتور محمد مرسى.. «بالأمس كان فى مصريين بيشيعوا جنازة 7 مصريين كانوا ماشيين قبلها بيوم فى جنازة 26 مواطن مصرى ماتوا بسبب غضبهم من حكم إعدام 21 مصرى متهمين فى مقتل 73 مصرى كانوا منذ سنة بيتفرجوا على 22 مواطن مصرى بيلعبوا كورة فى بورسعيد».
هل أدركت حجم المأساة التى تعيشها مصر، هل أدركت حجم البقعة السوداء التى تسيطر على «دوسيه» محمد مرسى وملفه الرئاسى؟، هل تتذكر الآن كيف فتح هذا الرجل صدره فى ميدان التحرير معلنا عن قوته وقدرته على مواجهة الصعاب مقسما على حماية أرواح المصريين وتحقيق آمالهم؟!، ثم تمر الأيام لنكتشف جميعا أن قسم مرسى لحماية أرواح المصريين و«فتحة الصدر» فى ميدان التحرير مشهد ضائع من فيلم إسماعيل ياسين فى البوليس السرى، وقبل أن تسألنى وما ذنب محمد مرسى ولماذا تحمّله مسؤولية كل هذه الدماء المصرية؟، دعنى أخبرك بالآتى.
محمد مرسى هو الرئيس وهو المسؤول عن كل شىء، هو صاحب الكرسى والوحيد فى مصر الذى يملك سلطة اتخاذ القرار بحكم منصبه، وبناء عليه فهو المسؤول عن تطور الوضع ووصوله إلى مرحلة الدم، وهو المطالب بأن يقدم للعدالة وللناس المجرمين والمتآمرين والبلطجية الذين اتهمهم فى خطابه بالوقوف وراء هذه الأحداث.. تلك هى وظيفته التى حددها القانون والدستور والتى قبلها هو وأقسم ووعد بتنفيذها على أكمل وجه فإن لم يفعل -وهو لم يفعل- فهو إما كاذب أو ضعيف.. واستنادا إلى شهور حكم الدكتور مرسى الماضية فأفضل الثانية التى تقول بأنه رئيس ضعيف وقليل الحيلة، كان ضعفه سببا فى اضطراره لمخالفة الكثير من وعوده التى قطعها على نفسه فى البداية.
الرئيس -أى رئيس لأى دولة- حينما يلجأ إلى قواته المسلحة ويأمرها بالنزول إلى الشوارع لفرض حظر تجول وتقييد حركة المواطنين وأعمالهم، وحينما يضطر إلى أن يمنح أفراد الجيش حق الضبطية القضائية لاعتقال الناس فى الشوارع ومحاكمتهم عسكريا بعد شهور ظل خلالها يقدم نفسه للشعب فى صورة الناهى لحكم العسكر.. أى رئيس يفعل ذلك فهو يعترف رسميا بفشله فى إدارة شؤون البلاد سياسيا للدرجة التى دفعته للاستعانة بصديق لا يمتلك سوى قبضة قمعية أمنية.. وإذا كنا فى النهاية مضطرين فى كل لحظة أن نستعين بالعسكر لتأمين الشوارع والمشاركة فى إنقاذ العبارات الغارقة والقطارات المحطة وإنقاذ المواطنين من أسفل عمارات الإسكندرية ورعاية الحوار بين القوى السياسية المختلفة والمتخاصمة فما الحاجة إذن لنغمة الرئيس المنتخب؟!!، وما الفائد إذن لرجل كل وظيفته إلقاء البيانات والتغريد من فوق ظهر عصفورة «تويتر» وتحقيق طموحات الجماعة فى التمسك بالسلطة؟، السؤال السابق لا يعنى قطعا رغبة فى استدعاء العسكر أو عودتهم ولكنه واقع من الضرورى ذكره لنفى أسطورة الرئيس القوى المحاط بالمؤامرات، خوفا من عظمته والتى يحاول الإخوان الترويج لها حتى ولو كان ذلك على حساب وطن بأكمله.
فى عام 2011 وفى مثل هذه الأيام كان الإخوان فى أول الصفوف التى تنتقد تأخر خطابات مبارك ورد فعله على مطالب الناس فى الشارع وتصف ذلك بسوء إدارة الأزمة وتراه دليلا قويا على ضرورة رحيل رئيس لا يستطيع التعاطى مع مطالب الشعب وحمايته من بطش الأمن أو الأطراف المتآمرة داخليا وخارجيا، اليوم، وفى عام 2013 يتأخر مرسى فى رد فعله وفى إلقاء خطاباته وفى التعاطى مع مطالب الناس وفهمها، ويلجأ إلى نفس المبررات المباركية التى تتحدث عن مؤامرات خارجية وبلطجية وخارجين على القانون مع فارق واحد بسيط هو أن مبارك لم يجرؤ على التصريح يومها بأنه أعطى الشرطة أوامر بالضرب واستخدام العنف ضد المتظاهرين، بينما مرسى لم تسعفه قلة حيلته ودفعته لاستخدام صباع التهديد الشهير والتصريح بأنه صاحب أمر استخدام القوة مع المتظاهرين دون أن يدرى فى فورة حماسه أن كل أصحاب أصابع التهديد يجلسون الآن فى المنازل والسجون أو فى صفحات التاريخ السوداء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة