من هذا الذى يمكن أن يشعر بالفرح والسعادة ويرقص فرحا، وهو يرى اقتصاد بلده ينهار؟، ومن يشعر بالهناء والسرور وهو يرى مصر على شفا الإفلاس؟.
هناك بالطبع من يفرح وهم تجار السوق السوداء، وتجار الدم والفساد، ممن يربحون فى كل كارثة، ويكسبون من كل مصيبة، لكن أى مواطن طبيعى لن يشعر بفرح، بل بحزن، لأنه سيخسر مع الخاسرين.
نقول هذا ردا على حفلات التخوين والاتهام التى يقودها كبار السياسيين وصغار «المفكسين»، الذين تركوا الأزمة وتفرغوا للبحث عن شماعات. تارة يتهمون الإعلام بتضخيم الأمور، وأخرى يتهمون رجال النظام السابق بالتآمر على الاقتصاد. وثالثة يتهمون البنك المركزى بالوقوف وراء الأزمة، بما ينشره من تقارير.
كبار «المفكساتية» يعتبرون أى حديث عن الأزمة نوعا من نشر الفزع والرعب، يقولون هذا ويتجاهلون الواقع.
الرئيس والحكومة أعلنوا أن مصر لن تفلس، لكنهم بالغوا فى حالة الطمأنة ورأينا من يقول إن الوضع طبيعى وعادى وأن الاقتصاد قوى ورائع. بينما الناس تعانى من ارتفاع أسعار الدولار والسلع، وحال السياحة والصناعة لا يحتاج إلى تعليق.
لا مانع من بث الطمأنينة، لكن أن يصحب ذلك مصارحة للشعب بحقيقة الوضع الاقتصادى، من دون تهوين أو تهويل، وأن يبذل المسؤولون جهودهم لمراقبة الأسواق، ومواجهة ارتفاع الأسعار، والسوق السوداء.
لكن لا يمكن اعتبار كل من ينبه للأخطار التى تواجه الاقتصاد، وكأنه يرقص فرحا. لأن ما ينشر من أرقام وتقارير رسمية وشبه رسمية، يشخص حالة خطر اقتصادى، ومن يتحدث هم خبراء يقرأون الحال، وهؤلاء لن يشعروا بالسعادة من انهيار اقتصاد بلادهم.
الحقيقة أن ما نراه أن الحكومة مشغولة بالمبالغة فى الطمأنة، عن مواجهة آثار الأزمة، ومن جهة الإخوان أو الحرية والعدالة فإن بعضهم كالعادة يبحث عن شماعات لتعليق الأمر عليها، رأينا بعض قيادات الجماعة يتهمون الإعلام أو البنك المركزى بالوقوف وراء الأزمة وتضخيمها، وهى حجج لا تنطلى على عاقل، حيث يعلم كثيرون أن الجهاز المصرفى احتفظ بقوته طوال سنوات ونجح فى مواجهة الأزمة المالية العالمية عام 2008، كما حافظ على قوة الجنيه بعد الثورة، ومع توقف الاستثمارات والسياحة، بما يعنى أنه كان قويا، ويحظى فاروق العقدة محافظ البنك المركزى بشهادات دولية فى هذا الإطار، ثم إنه كان أحد المرشحين لتولى رئاسة أول حكومة للرئيس مرسى، فهل كان وقتها جيدا والآن أصبح سيئا ومتآمرا.
لايدرك هؤلاء العباقرة، أن الاتهامات الجزافية والادعاءات، تقلل الثقة فى أجهزة الدولة، وتدفع أى خبير أو كفاءة للتردد أمام المناصب وهو يرى حملات تشكيك فى كل من يتولى مناصب قيادية. وعليه، فإن هؤلاء المدعين، يخربون بأيديهم مؤسسات الدولة، من حيث يريدون البحث عن تبرير.
الأفضل أن يبحثوا عن طريقة لقراءة الأزمة والتعامل معها، بدون تهويل أو تهوين، فلا يوجد من يرقص على نغمات إفلاس بلده، غير المرضى ومصاصى الدماء، ومن يبحثون عن السلطة، حتى لو هدموا المعبد على رؤوس الجميع.