كمال حبيب

الدين والتدين والعصر

السبت، 05 يناير 2013 08:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا عنوان كتاب جديد للقاضى عبدالجواد ياسين والعنوان كاملا، الدين والتدين – التشريع والنص والاجتماع، وبحثا منى عن محاولة أعمق لفهم علاقة التشريع والنص بالاجتماع شدنى عنوان الكتاب وحيث أوجد فى تركيا لمهمة علمية عكفت على الكتاب وهو يعد بحق كتابا فى علم الاجتماع الدينى يتسم بالجرأة والاجتهاد الجديد بصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف مع اجتهاداته.

يقول المؤلف إن هناك الدين وهو الأخلاق الكلية العامة التى تخاطب البشر جميعا وهى جوهر الدين وكل الأديان ويعبر عنها فى الإسلام الآيات الواردة فى القرآن المكى، أما الآيات الواردة فى القرآن المدنى فهى آيات التشريع وهى تشرع لجماعة متحركة بالوقائع والأحداث ومن ثم فالنص بالضرورة يتضمن بعدا اجتماعيا له علاقة بالواقع الذى يجيب عن أسئلته. هو يرى إذن أن النص التشريعى فى الحالة المدنية له بعد اجتماعى يجيب عنه، وله واقع اجتماعى يتحرك فيه، ومن جهة أخرى هى لحظة الواقع الاجتماعى الذى يتجادل النص معه. هو يذهب إلى أن النص يتم تحميله مع التطور التاريخى للجماعة باجتهاد الجماعة فى حركتها ومسيرتها وتحولاتها وتعقيداتها، وهو يرى أن ذلك هو التدين – أى إضافة رؤية الجماعة للدين، ويشرح كيف أن المؤسسة الدينية فى الخبرة السنية ممثلة فى الإمام الشافعى قد أسست لما يطلق عليه الرؤية السنية للنص والتشريع بحيث قطعت بشكل يكاد يكون كليا مع الواقع الجاهلى الذى اشتغل عليه النص القرآنى وعالجه.

يسوق القاضى عبدالجواد ياسين أمثلة متعددة على معالجة النص القرآنى للواقع الجاهلى، كما فى حالات الزواج مثلا وكيف كان حوار النص القرآنى بالأساس مع هذا الواقع، وبالطبع ضرب حالات متعددة مثل الجهاد وكيف أن الذهاب من جانب الفقه الإسلامى السنى إلى أن آيات الجهاد تتجاوز ذلك الواقع إلى استنتاجات تفضى - كما يذهب – إلى مواجهة العالم كله وقتاله!

عبدالجواد ياسين وهو يناقش علاقة التشريع بالنص كان متحررا بكل ما تعنيه الكلمة من عبء أى قيود مذهبية أو فكرية أو أيديولوجية، وهذه مسألة تعز فى واقعنا المعاصر، لقد كان منحازا فقط للانتصار للأخلاق الكلية العامة فى الدين الإسلامى التى تحترم العدل والمساواة والحرية والكرامة الإنسانية لأبعد مدى. التدين فى الخبرة السنية – وفق عبدالجواد ياسين- أضاف على الدين حمولة اجتماعية ظنها من جاء بعدهم من المسلمين دينا وهى تدين، أى أن التدين هو ميراث رؤية الجماعة لذاتها وللنص بعد اكتماله ومن هنا فهو يرى أن العقل السلفى تأسس مع رؤية الفقهاء القدامى للنص بعد اكتماله وإغلاقه بهذا الاكتمال ولأن الواقع متحرك فإن الجماعة خاصة الفقهاء والسلطة يسعون لفتح النص من خلال تأويله بما يتسق والمستجدات الجديدة. سوف نرى اليوم تحميلا هائلا للدين من خلال استدعاء التدين فى عصر قديم، وهو ما يحتاج منا لموقف جديد يؤسس لعلاقة بين النص والواقع والتشريع بحيث تمنحنا كمسلمين معاصرين فرصة العودة لقيم النص الدينى مع التخفيف من آثار التدين القديم وحمولته على الدين. لكل أمة تدينها، أى فهمها للدين، ولكل عصر تدينه، وهو ما يحتاج منا لاجتهاد جديد نبنى به تديننا المعاصر حول العلاقة مع العالم والعلاقة مع الإنسان والعلاقة مع التنمية والنهوض من التخلف، والعلاقة مع النظم السياسية، والقدرة على تقديم إجابات تديننا عن أسئلة عصرنا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة