قالت الملكة للملك إن الطعام جاهز منذ وقت بعيد، وهو قال لها إن «نفسه مسدودة»، وعندما سألته عن السبب قال أنه علم أن فتاة متسولة تمضى بغير طعام، وذكّرها بالوعد الذى قطعه على نفسه» لا أذوق طعاما حتى يشبع كل فرد من رعاياى»، الفتاة المتسولة كان رفضها للطعام حاسما، عاد رئيس الوزراء من عندها، وقال للملك» إنها مخلوق ينتمى إلى أغرب الطوائف وأبعدها شذوذا، وأكدت أنها ماضية فى صيامها، ونذرت لإفطارها نذرا، قال الملك «ذلك شىء يسير»، ولكن رئيس الوزراء أكد أنه ليس على ذلك اليسر، لأنها تصر أن تفطر على لحم آدمى، غضبت الملكة، ولكن الملك قال إنها من رعاياى، ولابد أن يجاب طلبها، وسأل عن محل إقامتها، وعرف أنها رحالة تهيم على وجهها على طريق فيجشوار، الملكة خافت أن يتلوث تاج كشمير بتراب العامة فى سبيل إشباع نزوة امرأة شيطانية، والملك قال لو ظلت جائعة سأجوع حتى الموت، رئيس الوزراء قال إن القانون الملكى قائم على اللا عنف وطلبها ينتهك هذا القانون، كان الخبر قد ذاع، وزحف الناس إلى طريق فيجشوار للإطاحة بتلك الشيطانة، وكان لا بد من استشارة صاحب القداسة كبير الكهنة، والملك يؤكد أنه «لا أحد فى مملكتى طفيلى أو دخيل، هى جائعة وعلىّ أن أطعمها»، يدخل كبير الكهنة، ويشعر الملك بالامتنان لأنه جاء بنفسه إليه، وحاول أن يهدئ الملك» أعرف الوعد الملكى.. ولكن هل تظن أن اللحم الآدمى مما يدخل فى مدخل الطعام؟ أنت ملتزم بأن تعطى طعاما لا لحما آدميا»، قال له الملك معذرة يا صاحب القداسة تلك سفسطة، كبير الكهنة سأله «أتنوى خرق قانون البلاد للوفاء بنذر شخصى؟» وبعد تفكير عميق وحوارات قال الملك «سوف أعطيها لحمى، وهذا عنف لن ينال أحدا، وعندما قال له صاحب القداسة أنه ينال شخصك، رد الملك» الحنث بالنذر عنف أكبر وسوف يزعزع الصرح الملكى حتى أساسه»، على الملك أن يفى بعهد قطعه لشعبه، الملكة عرضت جسدها بديلا، ورئيس الوزراء قال سنفرش أجسادنا على الطريق قبل أن تصيب نفسك بجرح، الملك قال «ذلك يرضى قلبى»، واستعد للذهاب وحذر من المساس بالمتسولة، تجاوز الضجيج والمسؤولين والحراس، قال لها جئت ألبى ما تطلبين، قالت المتسولة «تناقشنى وتلبى.. متسولة من سابلة الطريق لا تزعم لنفسها حقا فى مناقشة التاج»، قال الملك جئت ألبى طلبك، سألت:ماذا؟ لحما؟ آدميا؟، أجابها الملك: نعم، ولكن قبل أن أفعل هل تعرفين بأمر القانون؟ أجابت: أنا امرأة جاهلة ياصاحب الجلالة، لا أعرف قانونا، أعرف قوانين طبيعتى، سألها: أتعرفين أن العنف على أى نحو محظور على هذه الأرض، أجابت: كل ما أعرفه أنه يحظر على الملك أن يأكل حتى يشبع كل الناس، كان الشعب يراقب ويسب ويلعن المتسولة، والملك يطالبهم بالهدوء، وقال لها خذى الآن لحمى، وهى قالت علىّ أن أجوع، هو قال اشفقى علىّ سيدتى ولا ترمينى بالنفاق، وسحب سيفه وخيّرها بين أعضائه، هى قالت انتظر لأننى أعتقد أن عنفا يصيب شخصك لن يكون فيه انتهاك للقانون، سألها: ماذا تقصدين؟، قالت هناك فرق بين العنف والتضحية، كلاهما يتطلب الألم والعذاب، لكن التضحية تطهر الروح وتجعل القضية خالدة، الملكة دخلت المشهد وأرادت أن تمنحها جسدها باعتبارها نصف الملك، ولكن المتسولة قالت أنها قبلت هبة الملك، وفجأة أحست بالشبع واختفى جوعها، والملك يقول لها «هيا أتخرجين عن إرادة الملك بهذه اللعبة؟.. قالت ليس ثمة لعبة (تركع على ركبتيها) قد زال جوعى، من ذا بوسعه أن يظل جائعا، الملك يوجد فى سبيل كلمة (تنحنى) حيث الملك قد امتدت جذوره فى تربة شعبه (تمس التراب)، حيث الملك يسعه أن يسير على تراب العامة.. ولا يخامره الخجل.. حيث التراب والشعب والملك شىء واحد، الشعب هتف «يحيا الملك» والملك رفع المتسولة بذراعيه وقال «يحيا الشعب».
تذكرت هذه المسرحية «الملك والفتاة المتسولة» للهندى جوفيندداس والتى ترجمها إدوار الخراط قبل أربعين عاما وأنا أطالع صحف الأمس.