الإعلام عندما يغضب ويثور للدفاع عن حريته وكرامة أبنائه تظهر له أنياب ومخالب أيضاً حتى لا يكون مثل «الحيطة المايلة» لسباب وشتائم وهجوم لكل من هب ودب من شخصيات لم يدر عنها الناس شيئا قبل أن تطل عليهم من نافذة الفضائيات والصحف التى لا تسلم من لسانهم وشتائمهم وتشبيهاتهم السخيفة لمجرد اختلافها معهم أو مع آرائهم الشاذة ومواقفهم غير السوية. ولولا هذا الإعلام «الكذاب» و«المضلل» و«المنافق» الذى يديره «سحرة فرعون» ما أصبحوا نجوم مجتمع ورؤساء أحزاب وقادة ميلشيات.
الإعلام الذى أقصده هنا هو الإعلام الخاص الذى لا يمثل سوى نسبة 10% فقط من منظومة الإعلام فى مصر بوزارة الإعلام والتليفزيون المصرى والصحف الحكومية وهيئة الاستعلامات، مضافاً إليه أكثر من 22 قناة دينية، والذى يواجه الآن بحملة شرسة لترويضه وقمعه ومحاولة تقييده وترويعه من النظام الجديد فى مصر والذين يتبعونه بكل الوسائل القانونية المتاحة والطرق غير المشروعة التى بلغت حد تهديد الإعلاميين بالضرب والمنع من دخول مقر عملهم، بل الهجوم عليه ومحاصرته مثلما حدث مع مدينة الإنتاج الإعلامى ومقر حزب وصحيفة الوفد.
وكان لا بد للإعلام أن يغضب ويعلن تصديه لهؤلاء الكذابين والمتلونين ويضع قوائم سوداء لكل من يتطاول عليه ويعمل ضد حريته وإبداعه وهو ما اتفق عليه مسؤولو وسائل الإعلام الخاص الفضائى والمقروء، فمقاطعة أمثال هؤلاء هو وسيلة ردع وتحذير بأن الإعلام ليس «الحيطة المايلة».
الحديث الذى يتداول حالياً أن هناك محاولات «خنق» هذا الإعلام «المتمرد» –كما يراه أبطال ونجوم النظام الجديد- بسياسات الترغيب أو الترهيب بوسائل كثيرة حتى لو وصل الحال بالمحاصرة المادية وغلق أبواب الإعلانات أو محاولة شراء أسهم من هذه الصحف والمحطات.
المعركة القادمة للنظام الجديد الذى بدأ فى السيطرة على المفاصل فى الدولة وكسر بعض مؤسساتها هو الإعلام لأنه المعركة الأقوى والأشرس والأهم وسقوطه يعنى الموت العلنى لحرية الرأى والتعبير فى مصر فى زمن الإخوان، فالخطر قادم والمواجهة واقعة لا محالة إذا لم تحتشد الجماعة الإعلامية والصحفية من جديد وتستعيد ذكرى معركة القانون 95 التى كانت بداية التأكل والسقوط لنظام مبارك..!