الوضع فى جبهة الإنقاذ يشبه كثيراً الوضع فى مؤسسة الرئاسة الإخوانية، منظومة مرتبكة وعشوائية، وخطط ضعيفة وقرارات هشة تفشل فى الصمود أمام الاعتراضات الأولية، ورجال لا يخجلون من تغيير قراراتهم أو التراجع فيها بعد ساعات أو أيام، وقبل كل ذلك يبقى الوهم «المعشش» فى أركان القصر الرئاسى وفى عقول أعضاء جبهة الإنقاذ بأنهم أعلم الناس بهموم الشعب ومصلحة الوطن.
فى نفس هذا المكان أخبرتك من قبل أن تيار الإسلام السياسى، وجماعة الإخوان على وجه الخصوص، فازوا بأغلبية البرلمان السابق وكرسى رئاسة الجمهورية كنوع من الحصاد لثمار تماسكهم طوال سنوات حكم مبارك بغض النظر عن أسباب هذا التماسك وتنوعه بين الصبر والصفقات والصمت وإجادة العمل تحت الأرض ورفع راية بقاء التنظيم وقوته فوق أى شىء، وفى سنوات تماسك الإخوان وصمت السلفيين وسيرهم بعيدا عن شوارع السياسة كانت القوى المدنية تمارس هوايتها فى تأسيس التحالفات والجبهات والأحزاب التى كانت سرعان ما تنهار وتصاب بأمراض التفكك فى أوقات توزيع المغانم الانتخابية أو المناصب الإدارية، أو بعد سقوط أحد أطرافها فى فخ إغراءات الدولة وأجهزتها الأمنية والسياسية.
الأيام والأحداث السابقة والمواقف المرتبكة والمتغايرة من الدستور ومن حكومة قنديل ومن أحداث الإتحادية ومن إنتخابات مجلس النواب القادم، تؤكد أن جبهة الإنقاذ الحالية لم تنج من أمراض تكتلات القوى المدنية قبل ثورة 25 يناير بدليل أن ساعات اليوم الـ24 لم تعتد تكتمل إلا ويقرأ الجميع خبراً أو يسمع شائعة طائرة حول وجود شروخ فى جدار جبهة الإنقاذ وتوقعات بانهيار الجبهة وتفككها بسبب خلافات حول الترتيب للانتخابات القادمة.
شائعات تفكك الجبهة يغذيها الإخوان وينفقون من وقتهم ومالهم وجهدهم الكثير لنشرها وتحويلها إلى حقيقة، وسلبية الجبهة والخلل التنظيمى الواضح فى بنيتها التحتية وعدم وضوح شخصيات المتحدثين باسمها، وعدم وضوح مسارات قيادات الجبهة وتحديداً المسار السائر فيها سيد البدوى رئيس حزب الوفد يساعد على انتشار شائعات ضعف تماسكها وقوتها فى مواجهة تنظيم الإخوان الحديدى.
تشعر كثيراً بأن هناك نائمين داخل جبهة الإنقاذ، ردود أفعالهم دائما ما تأتى متأخرة عن تطلعات الشباب وأحلامهم مثلما حدث فى أزمة اعتصام قصر الاتحادية، أو الاستفتاء على الدستور الجديد، وفى الاستعدادت لانتخابات البرلمان القادمة تتجلى أزمة الفجوة الزمنية بين قيادات جبهة الإنقاذ وبين شباب الثورة وشباب الأحزاب الداعمة للجبهة، الشباب لهم أهداف محددة ويبحثون عن خطط جاهزة وتحركات كثيرة على أرض الواقع من أجل مواجهة حاسمة مع الإخوان، بينما قيادات الجبهة وعجائزها مازالت أمورهم غير واضحة بسبب معارك توزيع القوائم واختيار المرشحين رغم أنهم يوزعون غنائم حرب لم يكسبوها بعد.
مشكلة الجبهة الأهم تظهر فى موقفها «اللجلج» – مرسى استايل- من قضية ترشيح بعض الأسماء الملقبة بالفلول على قوائمها فى المحافظات، والجبهة التى تنادى بالشفافية والصراحة والوضوح تجاهلت كل هذه المصطلحات وهى تتعامل مع أزمة الفلول، فلا الشفافية دفعت قيادات الجبهة للخروج ببيان رسمى يشرح للناس طبيعة الأزمة وآخر تطورات خطة الجبهة استعدادا لانتخابات البرلمان، ولا الوضوح والواقع السياسى والشجاعة دفع قيادات الجبهة لإعلان موقفهم الحقيقى من مسألة الفلول التى باتت شماعة «بايخة» يستخدمها الإخوان لتشويه المعارضة والخلاص من المنافسين الأقوياء فى القوائم الفردية والذين ينتمى أغلبهم للحزب الوطنى المنحل، أو كان يخوض الانتخابات فى الدوائر تحت رعايته وشعاره.
لن يكون من المنطق أن تقدم للناس خلطة انتخابية تضم ما هو ثورى وما هو فلولى، ولكن سيكون من المنطقى أن تشرح للشباب وتقنع أعضاء الجبهة أن المعيار الذى يتم على أساسه أى تقييم للمرشحين هو كفاءتهم، وعدم وجود أحكام قضائية أو شبهات تثبت فسادهم أو تربحهم غير الشرعى من نظام مبارك، ولا تخجلوا أو تخافوا من هجوم الإخوان واتهامكم بالتحالف مع الفلول أو غيره لأن الإخوان سبقوكم وجلسوا مع عمر سليمان، وسبقوكم وجعلوا أكابر الفلول وزراء، وسبقوكم ومنحوا آخر رؤساء الحزب الوطنى المنحل الدكتور حسام بدراوى مادة دستورية تمنحه حق الترشح وممارسة الحياة السياسية!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة