قبل أيام، اتخذ الرئيس محمد مرسى قراراً جمهورياً بإنصاف عدد من خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون الذين تم تجاوزهم فى تعيينات هيئة قضايا الدولة بالرغم من أنهم من أوائل دفعاتهم، وتم تجاوزهم لصالح من يملكون الواسطة. القرار رقم 418 لسنة 2012، عين 15 مندوبا مساعداً بهيئة قضايا الدولة مع احتساب أقدميتهم التى ترجع إلى أعوام 2003 و2005، وآخرين إلى سنوات تالية حتى 2010.
قرار الرئيس يعيد حقوقا لشباب تم تجاوزهم فى التعيينات، من بين آلاف أضاعت الواسطة والمحسوبية حقوقهم، ويمكن أن يعتبر القرار بداية لإنصاف آلاف من المواطنين فقدوا حقهم فى التعيين بهيئة قضايا الدولة والنيابات والقضاء، ناهيك عن الخارجية وغيرها من المناصب المهمة، التى كان يتم السطو عليها خلال سنوات حكم مبارك. ومازلنا نتذكر الشاب المتفوق عبدالحميد شتا، الذى كان يحمل كل المؤهلات والدراسات العليا وتقدم لوظيفة دبلوماسية، واستبعدته اللجنة، وكانت حجتها «أنه غير لائق اجتماعياً»، لمجرد أن والده فلاح بسيط، وما كان من الشاب إلا أن انتحر اعتراضاً على ضياع حقه، وإهانة عائلته ووالده الفلاح المكافح.
القرار الرئاسى يستحق الإشادة، لأنه يعيد حقوقا أهدرت لمواطنين متفوقين، بعد سنوات كان التعيين فى المناصب الرفيعة يتم بالتوريث أو بالشراء لأصحاب النفوذ والمناصب الرفيعة. ولو راجعنا تعيينات النيابة والقضاء طوال عشرين عاما ماضية نكتشف كيف كانت المناصب القضائية تورث وتنتقل من الآباء للأبناء، وتحول توريث القضاء إلى قاعدة لافرق فيها بين تيار استقلال أو تيار نظام، ولا نعرف كيف أصبح قاعدة ومن جعله كذلك. رأينا عائلات كاملة تسيطر على القضاء والإعلام والخارجية والبنوك، وحتى فى الوظائف العادية لعبت الواسطة والمحسوبية والشراء دورها.
ويرد السادة المورثون بأن أبناءهم كانوا متفوقين أو متقدمين، ولا مانع من أن يكون هناك من بين أبناء القضاة متفوقين، لكن لا يمكن أن يكون أبناء القضاة كلهم مستحقين للتعيين، ناهيك عن أن التعيينات لم تكن تتم بلجان مستقلة تعلن أسباب القبول والرفض، حتى يمكن تجاوز الشبهات.
بالعودة إلى قرار الرئيس مرسى بإنصاف 15 شاباً وإعادة حقهم بالتعيين فى هيئة قضايا الدولة، نقول إنه قرار يعيد حقوقا لأصحابها، وننتظر أن يتحول هذا الأمر إلى قاعدة، من خلال تشكيل لجان عادلة تبت فى طلبات التعيين بالقضاء والخارجية وغيرها من المناصب، وأن يكون دور هذه اللجان فحص طلبات ومؤهلات المتقدمين، وأن يكون التعيين للأكثر تفوقاً والأعلى مؤهلا، وأن تعلن هذه اللجان أسباب القبول أو الرفض بشكل واضح، حتى يمكن للمتضرر اللجوء للقضاء، وبهذا تنتهى عقود من الواسطة والمحسوبية.
ومع احترامنا للقرار الرئاسى، فالأمر يجب أن يكون قاعدة عامة، خاصة أن هناك آلافا من المواطنين تم تجاوزهم وإهدار حقوقهم، بعضهم ينجح فى توصيل شكواه للرئيس، والبعض الآخر قد لا يستطيع توصيل شكواه، وننتظر أن تصبح هناك مسارات سريعة لإعادة الحقوق وحتى ترتاح روح عبدالحميد شتا الذى قتلته الواسطة.