ناجح إبراهيم

مؤسسة الشيخ المسلمانى.. العطاء لا الصراع

الثلاثاء، 08 يناير 2013 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحب صناع الخير مهما كانت أفكارهم وتوجهاتهم وأشخاصهم بل وأديانهم.. وأحب مجالستهم ومصاحبتهم والكتابة عنهم والبحث عنهم وتعلم حب الخير وصناعته منهم.. فصناع الخير هم ناشرو المحبة بين الناس الذين يخففون آلام المريض ويشفقون على اليتيم ويرحمون الأرملة والمصاب والمرأة المعيلة والمريض المزمن وابن السبيل الذى انقطعت به السبل والغارم (أى المدين) فى الطاعة والمعروف.. إنهم الذين يرسمون البسمة على الشفاه.. وعادة ما يسوقنى القدر لأكون دوماً بين صناع المعروف أو بين الفقراء أو المرضى الذين أحبهم.. رغم قلة بضاعتى فى صنع الخير.. وضعف ملكاتى فيه.
وقد شرفنى القدر فى الأسبوع الماضى أن أحضر حفل تدشين مؤسسة الشيخ المسلمانى الخيرية على مستوى الجمهورية.. والشيخ المسلمانى هو والد الإعلامى نظيف اليد واللسان والوطنى الذى يحبه الجميع أ.أحمد المسلمانى.. وهو أفضل تكريم يقدمه الابن لأبيه.
لقد كانت سيرة الشيخ المسلمانى عطرة وطيبة.. لقد جمع الشيخ المسلمانى بين الزهد والورع الذى تعلمه فى الطرق الصوفية وبين حيوية الدعوة الإخوانية الذى انتمى إليها.. فالصوفية أعطته الرقة والرحمة ودعوة الإخوان أعطته الحيوية والانطلاق والفهم الواسع والعالمى لرسالة الإسلام.. وقد شابه فى ذلك الإمام البنا رحمه الله الذى بدأ بداية صوفية أكملها بتكوين جماعة الإخوان الإصلاحية.
لقد حفظت الحقبة الصوفية مصر من الانهيار والتفكك الأخلاقى قبل بداية الحقبة الإخوانية والحركات الإسلامية المختلفة التى استلمت الراية منها لإكمال المسيرة.
ولكن بعض أبناء الحركات الإسلامية اليوم يجحدون فضل الآباء والأجداد من الصوفية.. وبعضهم قد يسبهم ويكفرهم أو يبدعهم ناسين فضلهم فى مصر وأفريقيا وآسيا فى حقب زمنية صعبة. جاء الابن أحمد المسلمانى ليكمل رسالة الأب الذى أحب صنع الخير وسخر حياته له.. وذلك عبر مؤسسة الشيخ «المسلمانى الخيرية» التى بدأت صغيرة ضعيفة.. ثم بدأت تنمو وتكبر وتقوى حتى جاءت هذه اللحظة الفاصلة التى شرفنى الله بحضورها مع نخبة رائعة من صناع الخير.. ومنهم أ.د. أيمن السعيد عميد طب طنطا الذى دشن مع المؤسسة استكمال مشروع مستشفى طنطا العالمى.. وهو أكبر مستشفى فى مصر.. حيث تبلغ سعته ألف سرير.. وله مهبط طائرات للإسعاف الطائر لإجراء الجراحات الدقيقة والخطيرة.. ومنها نقل القلب وما دونها.
وقد جمع لها أكثر من 90 مليون جنيه، ولم يبق لاستكماله سوى 30 مليونا.. حتى إن البعض تبرع بـ30 مليونا فى جلسة واحدة لكى يعطى الأمل وكأنه يقول للجميع: إنه العنوان الذى ينبغى أن يسعى الجميع إليه.. دعنا من الصراعات السياسية.. دعنا من المؤيدين والمعارضين.. دعنا من الحنجورى وكثرة الكلام.. تعالوا إلى العمل والبذل.. هذا المستشفى سيخدم الفقير، كما يخدم الغنى.. لن يعرف أحد عن الفقير الذى سيعالج مجاناً شيئاً.. سيكون لكل مريض رقم.. والمستشفى سينفق على نفسه.. الأغنياء سيدفعون ثمن العلاج.. أما الفقراء فسيعالجون من حصيلة الزكاة.. هذا الوطن سيتقدم بصناع الخير وليس بالصراعات السياسية». هذا هو المشروع الثانى لمؤسسة الشيخ المسلمانى.. أما الأول فكان إقامة المركز الإسلامى الجامع فى قرية صان الحجر بالغربية.. مسقط رأس مؤسسها.
أما المشروع الثالث والذى سيشمل مصر كلها فهو المشروع «صفر» لكى تكفل مدرسة أو مستشفى.. فكم من المدارس فى مصر بدون كراسى أو «تخت» أو زجاج للفصول وبدون أسوار وبدون دورات مياة نظيفة.. وهذا المشروع سيؤهلها لكى تكون مدرسة عادية لتلقى العلم وقبوله.. أى ينقلها «من تحت الصفر إلى درجة الصفر».
وكم من مستشفيات بدون أسرة أو مراتب أو مفارش للأسرة أو غسالة أو دورات مياه نظيفة أو دهان. أى أن المشروع سيحرك الصدقة المعطلة فى المدارس أو المستشفيات.. وكأن المشروع يقول «نحن أصحاب الأشياء الصغيرة والمهمة فى نفس الوقت». المستشفى الذى لا يعمل نحوله إلى مكان آدمى يرحم المريض الفقير.. وكذلك المدرسة. «إنها النواة التى تمنع الزير من الانكسار».. «إنه المسمار الذى يحرك الماكينة بعد طول توقف».
لقد قدمت جمعية الشيخ المسلمانى الخيرية نموذجاً فذاً للعلم وهو أ.د.عصام حجى وهو «سنيور» فى وكالة ناسا للفضاء.. شاب رقيق متواضع لا يرى نفسه.. إنه نموذج لمصرى تعلم فى المدارس والجامعات الحكومية المصرية ونبغ وارتقى إلى أعلى درجات السلم العلمى فى أمريكا وفى أرقى الوكالات العلمية.
«إيه أخبارك فى ناسا هناك».. كلنا يريد الاستماع إليه.. أحزننا على مصرنا المتخلفة المتصارعة الحنجورية حينما قال إن ميزانية وكالة ناسا للفضاء أكثر من نصف الموازنة العامة المصرية كلها.. وأنه لن تنهض مصر بالحكم والمناصب والصراع حولهما.. ولكنها ستنهض بالاهتمام بالإنسان المصرى فى ثلاثة محاور هى «التعليم والصحة والمرأة».
وقال: «نحن الذين اخترعنا علم الفلك.. ولكننا اليوم نتعامل معه وكأننا من أصحاب الكهف». وقال: «مصر الآن مجاديفها مكسورة لأن التخت فى المدارس مكسورة».. ومستقبل مصر الحقيقى فى المدرسة.. ولن ينبت عشوائياًً فى الشارع».
آه.. ما أجمل الاجتماع على صنع الخير.. وما أسوأ الفراق على كراسى السلطة أو الصراع حولها.. إنه مدمر لأصحابه ولمصر أيضا.. تحية لصناع الخير فى كل مكان.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة