أنت تعرف بالطبع أن الفترة الأخيرة أفرزت حالة من النفور المجتمعى داخل أرض مصر..
السلفيون والإخوان لا يرون فى معارضيهم من القوى المدنية سوى علمانيين وأعداء دين وليبراليين تخلع أمهاتهم الحجاب كما قال الشيخ شومان، أو شواذ وكفار كما يقول المدعو عبدالله بدر، وعلى الجانب الآخر لا يرى أهل التيار المدنى فى عناصر الإسلام السياسى سوى كونهم متطرفين قندهاريين يخططون لقمع الحريات وقطع الأيدى وجلد الرجال والنساء..
أقول كل هذا النفور يبدو مقبولاً حينما يتعلق بتيارات سياسية وفئات بشرية ولكنه يبدو مزعجاً ومتعباً وخطيراً ومرعباً حينما يتعلق بالدين الإسلامى ورجاله، لا تدفن رأسك فى الرمال مثل النعام وواجه الحقيقة المفزعة التى تقول بأن هناك خللاً ما فى علاقة قطاع عريض من الشارع المصرى بالدين ورجاله، والإحصائيات التى تسجلها بعض مواقع الإلحاد العالمية تؤكد أن مؤشر أسئلة الشباب المصرى التشكيكية فى الدين الإسلامى فى ارتفاع، والتقارير التى تتداولها منظمات دولية تتحدث عن ارتفاع ملحوظ فى نسبة الملحدين فى دول الربيع العربى وتحديداً مصر.. والسبب يعود إلى رجال الدين أو من تمت تسميتهم برجال دين ويظهرون عبر الفضائيات لنشر فتاوى التكفير والآراء المتطرفة والغريبة مثل عبدالله بدر وأبوإسلام ووجدى غنيم ومحمود الشريف، بالإضافة إلى أكاذيب أنور البلكيمى وعلى ونيس وعصام العريان وصبحى صالح وحازم أبوإسماعيل وغيرهم.
كل هذا وأكثر منه يحدث يومياً على الفضائيات الدينية ومنصات المليونيات التى ينظمها الإخوان والسلفيون، ولكن هل يعنى ذلك أن التعميم الذى يمارسه البعض حينما يتهم الشيوخ جميعاً وأعضاء تيار الإسلام السياسى أجمعين بأنهم مثلهم مثل عبدالله بدر أو حازم أو جدى غنيم أو أبوإسلام أو شيوخ قناة الحافظ ومذيعهيا.. بالطبع لا!!
تعميم تلك الرؤية القبيحة التى يقدمها هؤلاء الذين يدعون الحديث باسم الدين على جموع تيار الإسلام السياسى خطأ كبير يشبه إلى حد كبير خطأ تعميم عرى علياء المهدى على جموع أبناء التيار الليبرالى، وتعميم تصرفات عبدالله بدر وأمثاله من المهاويس على الدين الإسلامى هو الخطأ الأكبر، وبالتالى من حقك أن ترفع راية الخوف على الدين سواء كنت من العلمانيين أو الليبراليين أو اليساريين أو الإخوان أو السلفيين، من حقك أن تفعل ذلك دون أن تستغله لتحقيق مكاسب سياسية أو سلطوية لأن الدين الإسلامى وصورته السمحة والمنطقية والعقلية فى خطر حقيقى بسبب تصرفات هؤلاء، الذين أصبح ضروريا إثبات فرديتهم وانقطاع صلتهم بتيارات الإسلام السياسى وبالعمل الدعوى وبالعديد من شيوخ التيار السلفى الذين وإن كنا نختلف معهم فكريا يبقى احترام لهم قائماً بسبب علمهم وأدبهم وتمسكهم بشعار «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» وبالتالى كان طبيعياً أن نطالب هؤلاء الشيوخ بتوضيح موقفهم مما يفعله عبدالله بدر أو يتفوه به أبوإسلام أو يقوله وجدى غنيم، وكان منطقياً أن نغضب حينما تتأخر بيانات الإدانة الصادرة من الإخوان والسلفيين تجاه ما يفعله هؤلاء بدين الله، ولكن جاء الرد سريعاً وحازما وحاسما من جانب كبار الشيوخ الذين انتفضوا للدفاع عن الدين وصورته وأعلنوا براءة الدين ورجاله من هذه الألسنة العكرة..
ما فعله الشيخان الحوينى والمقدم وعدد من العلماء الأجلاء أمثال الدكتور أسامة الأزهرى والشيخ الحبيب الجفرى ومعز مسعود حينما تبرأوا من هؤلاء الذين لقبوا أنفسهم بالمشايخ والدعاة وأعلنوا براءة ساحة الدعوة منهم ومن خطابهم المتطرف الجاهل هو المقصد والمبتغى للحفاظ على صورة الدين، ليأتى نقد الخطاب الدينى وتصحيحه وتصويبه من داخل بيت الخطاب الدينى بعيداً عن الصراع السياسى ومصالح السلطة، لأن حسابات السياسة والسلطة مختلفة وحينما تطأ أقدام رجال الدعوة أو ممثلى التيارات الدينية أرض وساحة السياسة تختلف المعايير تماماً وتلك الحقيقة التى يجب أن يعلمها أنصار التيار الإسلامى والكثير من الشيوخ حقيقة أن الكلام عن تيار الإسلام السياسى فى مصر لا يعنى بالضرورة الكلام عن الدين، وأن كل مختلف مع الإخوان والسلفيين بكل تأكيد ليس مختلفا مع الدين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة