بدأت بالأمس عرض كتاب «اليوم السابع - الحرب المنسية.. حرب الاستنزاف» للكاتب الرائع محمود عوض.. وأستكمل.
يقول عوض بأنه فى نفس اللحظة التى كان يقرأ فيها الرئيس الأمريكى جونسون مذكرة سرية من مستشاره للأمن القومى عن سياسات المستقبل فى الشرق الأوسط، كان الرئيس جمال عبدالناصر يجلس وحيداً فى غرفة منزله واضعاً رأسه بين كفيه، ومتمتما بكلمات قليلة صدرت فى تلك اللحظة منه بإحساس غريزى بأكثر مما صدرت بحكم معلومات قاطعة، لقد دخل عليه أحد كبار مساعديه فسمعه وهو يتمتم كما لوكان يكلم نفسه « لقد عرفوا كيف يصطادونى».
أقدم جمال عبدالناصر يوم 9 يونية 1967 على التنحى عن السلطة، ورفض الشعب المصرى والعالم العربى تنحيه، فيما أصبح يعنى رفضا شاملا لأهداف حرب يونية من أساسها، هكذا بدأت عملية كبرى لإعادة بناء القوات المسلحة فى مصر من تحت الصفر ولإعلان مبدأ «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، ولترجمة مشاعر الغضب والثأر إلى برنامج عملى وشامل للنهوض من جديد.
حدث ذلك بينما كان الوضع عند الرئيس الأمريكى جونسون، يترقب حدثا هاماً لم يحدث وهو، أنه لم يتلق المكالمة التليفونية التى ظل ينتظرها مع مستشاريه فى واشنطن والتى تحمل خبر انهيار مصر من الداخل تحت وطأة الهزيمة الكبرى، بانقلاب عسكرى أو بإفلاس اقتصادى أو بثورة شعبية، أو بكل هذا معاً، وتلك هى المقدمة التى لا يمكن بغيرها المضى فى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
يتناول الكتاب بالتفصيل ما كان يحدث فى أروقة الأمم المتحدة بعد النكسة، ودور الدبلوماسية المصرية بقيادة محمود رياض وزير الخارجية، واجتماعاته مع نظرائه فى العالم، خاصة أمريكا والاتحاد السوفيتى، ويتحدث عن عملية ضرب الجيش المصرى للمدمرة إيلات الإسرائيلية، وكيف كانت محورا لمناقشة قوية فى اجتماع خاص بين ممثل أمريكا فى الأمم المتحدة «آرثر جولد» ونائب وزير الخارجية السوفيتى «كوزنتوشف»، ويأتى الكتاب بنصوص حوارية حرفية، حتى كان قرار مجلس الأمن الدولى 242، وعلى صعيد الداخل كانت الأولوية المطلقة من وجهة النظر المصرية هى تعديل الخلل العسكرى القائم منذ حرب يونية.
كان جمال عبدالناصر يعمل 18 ساعة يومياً لمتابعة التجهيزات العسكرية الجديدة، وطبقاً للكتاب فإن تقارير المخابرات العسكرية الإسرائيلية سجلت «أنه فى خلال ستة شهور من حرب يونية وجدت إسرائيل أمامها على الضفة الغربية لقناة السويس جيشاً مصرياً جديداً يعادل تقريباً حجم الجيش الذى واجهته إسرائيل فى 5 يونية، وأصبح على إسرائيل أن تواجه هذا الجيش الجديد أمامها عبر قناة السويس».
كانت هذه الولادة السريعة مجرد الفصل الافتتاحى فى عملية أنشأت مصر فى نهايتها جيشاً يبلغ حجمه ثلاثمائة ألف جندى، وبمجرد أن تلقت مصر المعدات الملائمة، بدأ الجيش فى إغارته المحدودة ضد الاحتلال الإسرائيلى فى سيناء فى 1968 والتى تطورت إلى إعلان حرب الاستنزاف فى مارس 1969.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة