كلنا سمعنا بالقرار الأمريكى بشأن تجميد بعض المساعدات العسكرية، نتيجة ما تعتبره واشنطن عقوبات مبدئية بشأن أعمال قمع المتظاهرين من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، لن أحدثكم بشأن المعاونة ولا بحجمها وحجم المساعدات العسكرية، قناعتى أولاً وأخيراً أن هذه المعونة تخدم الطرف الأمريكى والإسرائيلى، فقط منها أن يظل الجيش المصرى كتاباً مفتوحاً للجانب الأمريكى، وتحرمه من تنويع وتطوير مصادر سلاحه.
الآن توجد مخاوف وقلق بداخل الجانب الإسرائيلى، عدم وجود هذا القلق والاضطراب كان أحد مميزات المعاونة للجانب الإسرائيلى وذلك لأن مصر ستحصل على التمويل من أى مكان آخر بالعالم (الصين، أو روسيا) مع اختلاف حجم التمويل بمساعدة الدول العربية (تمويل بمبالغ مختلفة) يجلب أنواع مختلفة من الأسلحة، لا تعلم إسرائيل مداها او تطورها فقد خرج الموضوع عن السيطرة.
تعالوا نبتعد عن الجانب السياسى قليلاً فى المعونة والتمويل والأسلحة والعقوبات، والقمع، وعدم استخدام الديمقراطية واستخدامها فى الوقت المناسب بما يخدم الطرف الأميركى فكما نحن متفقين الديمقراطية سلاح ذو حادين.. أكتب هذه السطور واتذكر تعليقات والدى وهو يتحدث عن حرب الخليج !! ليس بموضوعنا.. ( لم يكن رضا أمريكا أو غضبها فى يوم من الأيام علامة على عدالة حاكم وإفساده) كم من طغاة وسفاحين مولتهم وساندتهم أمريكا فى البداية ثم سقطوا شر سقطة نتذكر بعض الأسماء الرنانة معاً (شاه إيران، ماركوس، د وفاليه، صدام) لم يكن السبب المشترك لسقوطهم طغيانهم ولكن جملة ننساها دائماً (موقف أمريكا من هذا الطغيان).. مادام لم يوظف طغيانه لحسابها، وينسى ويخرج عن الدور المرسوم ! غالباً تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن! ماذا حدث لكل الجبابرة التى صنعتهم اميركا ومولتهم واعطتهم المال والسلاح، لن أذكر حكاماً عرب، فالتاريخ لم ينه حساباته بعد !! لكن موسولينى مات معلقاً من رجليه، وشاوتشيسكو لقى مصرعه كخرقة مهلهلة مزقها الرصاص.. السبب بسيط يكاد يكون داخلى لكن هكذا (الحقيقة دائماً تحت الأرجل) الجوع لا يعرف المنطق، ولا التحليل السياسى، ولا البحث الفلسفى. فى الأسباب والمبررات، وإنما يتحول إلى ثورة وإلى غل وانتقام من كل من أذاقوه من الكأس).
موضوع المعونة بكل بساطة زوبعة فى فنجان الصحافة تتحدث، الإعلام ينقل هذا يزيد حلفاء وهذا يذيد خصوم، وينشغل الرأى العام عن المذابح فى سوريا، والإرهاب فى مصر، والأحداث فى تونس.. القانون والسنة التاريخية تقول (أنه لا يوجد عدو طوال الوقت. ولا صديق طوال الوقت).. ما حدث كان أمراً طبيعى (إذا رأى أحداً حماراً سائباً فى الطريق فعليه بلغة السياسة أن يركبه ويقوده إلى حيث يريد هذا ما فعلته اميركا مع الجماعة) لكن جاءت 30 يونيو وفشل المخطط الأمريكى، رفض الشعب ان يكون حمارا، أو يستكمل استحماراً فى هذا الوقت (وقت الانفتاح والتكنولوجيا وازدياد الوعى والتقدم) لم يخدم امريكا للأسف رفض الشعب المصرى ان يسلم عقله وظهره لكل قارع رفض ان يكمل استحمارا !!ولكن انتهت.. الآن يأتى سؤال كيف نقود الأحداث لنجعل من الأعداء أصدقاء ومن الخصوم أعوان.. الإجابة باستبعاد رؤوس الإجرام (اقتلاع جذور الإرهاب والجماعات الممولة) أولاً ثم الجلوس معاً للتحدث بلغة التجارة والمصالح، والمنفعة !! لماذا لا نتسامح مع رؤوس الإجرام؟ لأنهم فقدوا رصيدهم وتركوا تركة كافية من الآثام، والأكاذيب والفشل والتواطؤ كافية لتكبيلهم.. دوام الحال دائماً من المحال والتاريخ له ليل ونهار يدوران على الأمم كما يدوران على الأرض أرجو ألا تنسى أمريكا أنها غرقت فى حروب الشمال والجنوب وفى ظلام العنصرية قروناً أخرى، وتقاتلت إنجلترا وفرنسا فى حرب المائة عام، ثم حرقت الحربيين العالمتين الأولى والثانية الكل، أوروبا أيضاً كان لها فترة طويلة من العصور الوسطى المظلمة، وكان الطاعون والكوليرا والتيفويد والحروب الطائفية تحصدهم مسجل ذلك بمتاحفها وجدرانها.. وكانوا يأخذون علومنا وأطبائنا، ويترجمون لغتنا العربية إلى لغتهم ليستفيدوا من العرب.
أخيراً وليس آخراً (ليس عيباً أن نكون فقراء، ولكنها جريمة أن نكون متخلفين) العقول البشرية لا تعرف المستحيل، لن تجدٍ سياسة القروض والاستمرار فى التسول، لن تنفع عقليات ديوان الموظفين فى حل مشاكل مصر.. العقول المصرية تستطيع ان تبدأ من الصفر كما بدأت اليابان، وألمانيا الغربية، وكوريا الجنوبية.. أقول للفرحين المهللين بوقف المعونة.. الإسلام الذى أعرفه دين أمانة وليس دين خيانة.. يضع العلم على رأس أولوياته.. والشورى فى سياساته.. أعداؤه هم من يرون فقط منه اللحية والجلباب، والمسابح الديكورية، والتعصب والجمود على السلف.. أنتم خارج التاريخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة