السؤال صعب، والإجابة عليه أصعب، ولكن القاهرة لا تتوقف عن الجدل والنقاش، وهذه ميزة من ميزاتها، إنها دائما صاخبة فى فكرها وهما، وأيضا" فى بحثها عن حل عندما يرتبط الأمر بمستقبلها، والرئيس القادم عنوان للمستقبل، من هو؟ ومن أى اتجاه سيأتى؟ وما هو انتماؤه؟ ومدى قوته؟ وآخر الأسئلة أخطرها، وأكثرها اتفاقا" بين أبناء مصر، فالتجربة السابقة علمتهم الكثير، وزادت من وعيهم، فمن يرى القاهرة اليوم يجدها تختلف عن القاهرة فى مارس 2011، ولا تمت بصلة لقاهرة إبريل 2012، أسلوب التفكير اختلف، ونسبة الرضا تغيرت، ومرحلة الاتكال على الغير انتهت، والخداع السياسى فقد مهارته بعد 3 سنوات من المعاناة، والزيف الملتحف بغطاء دينى بان وظهر وفقد الزخم الذى أوصله إلى الحكم ذات يوم.
المصريون يريدون رئيسا "قويا قادرا" على إدارة البلاد فى ظل كل هذه الظروف الداخلية والخارجية، رئيسا يملك إمكانات قيادية، ويحظى بتأييد شعبى واسع، وقادر على حفظ أمن الوطن، والدفاع عن حدوده، ومؤمن بأن مصر هى قلب العروبة النابض، وأن القلب بحاجة إلى الجسد، فتكون لديه رؤية إستراتيجية للبعد الوطنى والقومى، والمقدرة على مواجهة المخططات المعلنة والسرية للنيل من مقدرات مصر وعمقها العربى، وأيضا" يكون قادرا" على منع أى تنظيم موال للخارج من الوصول إلى مراكز صنع القرار والمشاركة فى إدارة شؤون البلاد.
كل تلك المواصفات مطلوبة فى رجل واحد، هو الذى يستحق أن يكون رئيسا لمصر، لا تصنعها النخب السياسية والفكرية المثقفة، ولا يتداولها قادة الرأى فقط، بل حديث الناس البسطاء، فهؤلاء أيضا قد علمتهم التجربة وصقلتهم، ويمكن أن تسمع منهم مبررات لذلك الطرح أكثر وضوحا" من ما تطرحه النخب، فالبسطاء لا يتلاعبون بالكلمات، ولا يقيسون آراءهم بحجم الذين يتحدثون إليهم، ولا يفلسفون نظراتهم إلى الواقع والمستقبل، لأنهم راغبون بحق فى الخروج من هذا الواقع المرير، وطامعون فى مستقبل مشرق.
قلت لبعض الأصدقاء، وهم من النخبة، فيهم زملاء حفروا أسماءهم فى ذاكرة الإعلام، وفيهم أصحاب رأى من أساتذة جامعات، وفيهم قادة أحزاب وشباب من الحركات المؤثرة، قلت لهم لماذا تقفزون إلى الرئيس وأنتم لم تنتهوا من الدستور، ومازالت خارطة الطريق أمامها ثلاث مراحل حتى تصلوا إلى الانتخابات الرئاسية؟ ولم أسمع إجابة شافية، ربما لأن الجميع متفقون على " ألا يلدغوا من جحر مرتين"، فالإخوان ومعهم بعض "المتعاطفين" يلعبون على المبادرات والحشد الإعلامى الخارجى، وبعض المسرحيات الهزلية فى الداخل، ويسعون إلى العودة إلى الساحة، واللغط والتردد والمشاحنات من السلفيين، ومحاولة بعض أعضاء لجنة الدستور تكييف مواده حسب أهوائهم وتطلعاتهم، ربما كل ذلك هو السبب فى تقديم موضوع الرئيس القادم على أية استحقاقات أخرى، ويبقى السؤال حائرا، فالمواصفات المطلوبة لا تنطبق إلا على شخص واحد من بين الأسماء التى تتردد، وعندما يذكر الاسم يحاول "المثقف المستنير" أن يهز رأسه، فلا تعرف إن كانت تلك الهزة إيجابية أم سلبية، أما المواطن "البسيط والعفوى" فيقول لك "أيوه. . محدش ينفع يكون ريس غير السيسى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة