على العكس من كثيرين يرون أن شماتة بعض الإخوان فى هزيمة الفريق الوطنى أمام غانا، نوع من العداء، مع الأخذ فى الاعتبار أن الشماتة الأهلاوية والزمالكاوية كانت متبادلة فى المباريات الدولية. لكن الإخوان مثلاً كانوا من الشامتين فى هزيمة مصر فى يونيو 1967، والأمر هنا يتجاوز الخلاف السياسى إلى حالات نفسية وعقلية. تحتاج أحيانا إلى علاج أكثر مما تحتاج لمواجهات أمنية. ولا ننسى أن الكرة هى التى كادت تشعل أو أشعلت حرباً بين مصر والجزائر، وصل فيها الردح والشتم إلى التشكيك فى التاريخ والجغرافيا، وبلغت الشتائم بين البلدين حدودا غير معقولة. كل هذا بسبب التعصب الكروى الذى تحول لتعصب سياسى، وتراشق حربى استمر شهوراً وترك آثاره على البلدين.
التعصب يلغى العقل، أو يعطله، وهو مفهوم فى الكرة لدرجة ما، لكنه ما إن يتجاوز حده حتى يصبح مرضاً نفسياً وعصبياً وجسمانياً يصيب صاحبه بكل العقد. ولهذا فإن خلط الكرة بالسياسة، يلغى الفاصل بين العالمين، الكرة مطلقة فالمشجع مع أو ضد، لاوسط، والسياسة رمادية تحتمل التفسيرات والمناورات والألوان المختلفة. لهذا فإن دخول الألتراس للسياسة، يضر بالألتراس وبالسياسة.
التعصب هو ما يفسر ما يجرى من شماتة الإخوان فى هزيمة مصر الكروية، ويفسر كيف يمكن اعتبار مشاعر الشماتة مرضا، يصيب من يصابون بفيروس التعصب. ويفسر تصرفات بعض الألتراس الذين تجاوزوا الرياضة إلى الشعور بالقوة والمبالغة فى ردود الأفعال.
التعصب يلغى العقل ويعمى العين، ويغسل المخ، فيصبح الشخص معزولا عن العالم يفكر بطريقة واحدة، ويتلقى معلومات محددة، بصرف النظر عن صحتها أو خطئها، بل إنه لا يريد الاستماع لغير مايريده، لأن أى تغييرات فى المعلومات، يهدم البناء النفسى الداخلى لكينونته، التى تقوم على الثقة والتصديق. وعليه لايمكن اعتبار شماتة البعض فى هزيمة الفريق الوطنى أمراً وحيداً، بل إن هؤلاء سيفرحون بكل كارثة تصيب البلد، أو انهيار اقتصادى، حتى لو كان يضرهم بشكل مباشر. فالتعصب أغلق قدراتهم على التمييز. فانغلقوا داخل شرنقة، تراهم يصدقون المنامات والأحلام والرؤى، والوعود، أو هم يريدون تصديقه. ولا يريدون، أو ربما لايستطيعون الخروج من عالمهم الخاص.
وبنفس هذه المشاعر تراهم يخوضون معاركهم وحتى من يموت منهم لا يعتبر موته قربانا لقيادات أنانية، بل إنه موت من أجل قضية حتى لو لم يكن يعرف حدودها.
هم لايريدون النظر إلى كل عوامل الفشل والتسلط والاحتكار، وينتقلون إلى ثانياً وثالثاً، ولا يتوقفون عند أولاً. وبالتالى فهم يضعون أنفسهم فى جهة أخرى من الشعب، وكل ما يفرح الشعب يحزنهم وكل ما يرونه محزنا للشعب يفرحهم. متجاهلين أن الشعب يفترض أنه الجمهور الذى يريدون منه أن يساندهم ويؤيدهم.
من هنا يمكن تفسير طريقة النظر للشعب أنه مجرد أصوات انتخابية بلا قيمة. أو أنه شعب آخر يختلف عن شعب الشامتين.