باتت الحلول المؤقتة غير كافية للقضاء على موجة الإرهاب المتواصلة بشمال سيناء فى ظل تصاعد العمليات العسكرية من جانب وتصاعد موجة الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء من جانب آخر وانتقالها إلى بعض المحافظات القريبة.
وتحليل أسباب موجة الإرهاب يكاد يكون متعلقا بتجاهل الحكومات لسيناء والسماح بانتشار الفكر المتطرف والتكفيرى، عبر سيطرة جماعات متطرفة على الزوايا، وبعض المساجد لسنوات طويلة وعلى الفراغ أيضا الذى فشل الأمن فى السيطرة عليه سواء قبل الثورة أو بعدها.
لكن الملاحظ أن نطاق العمليات اتسع، فبعد أن كان محصورا فى مناطق شرق العريش وجنوب الشيخ زويد امتد إلى رفح وحدودنا مع قطاع غزة من شمال معبر رفح، حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط، ومكمن الخطورة فى هذه المنطقة أنها ملاصقة لقطاع غزة الذى تملك عناصره المسلحة تقنيات عالية من المتفجرات والقنابل والصواريخ، ويمكن بسهولة نقلها للجانب المصرى ولذا فإن ضبط الأمن لكميات من قنابل القسام أو متفجرات من غزة ليس مستغربا لأن القطاع فى الوقت نفسه غير راض أولا عن النظام الجديد بعد خلع مرسى وغير راض أيضا عن هدم الأنفاق التى تمثل اقتصادا ضخما للقطاع يتراوح من 6 إلى 10 مليارات جنيه سنويا، بحسب بعض المراكز البحثية الاقتصادية فى غزة وخارجها.
أيضا حماس بات لديها يقين أن الأنفاق تلفظ أنفاسها الأخيرة فى ظل المخطط المصرى لإزالة المنطقة الحدودية كلها بعرض كيلو متر للقضاء على الأنفاق نهائيا، وبالتالى عودة القطاع للخضوع إلى التعليمات الإسرائيلية لتزويده بالوقود والغذاء والبضائع وقطع الغيار وخلافه.
وأرى- بحسب ما توفر من معلومات- أن حرب الأنفاق غير كافية لتأمين مصر والقضاء على تسلل عناصر خطرة على الأمن القومى المصرى من حماس أو غيرها، لأنه حتى مع القضاء على الأنفاق لن تتوقف ظاهرة التسلل أو البحث عن سبل لبدائل حدودية، لذا فإن المقترح أولا البحث الفورى عن بدائل لأكثر من 30 ألف مواطن يعملون أو يملكون الأنفاق من الجانب المصرى، وتوفير فرص عمل لهم لأن بعضهم قد يحمل السلاح ضد الجيش أو الشرطة، وبعض العائلات برفح تمتلك أسلحة منها مضادات طائرات لذا احتواء العاملين - ونصفهم وفد من محافظات الصعيد والدلتا للعمل فى الأنفاق بما يتراوح بأجور من 3 إلى 6 آلاف جنيه شهريا - بات أمرا ضروريا حتى لا تتلقفهم جماعات الإرهاب للانضمام إليها ومنعا لاتساع مساحة الإرهاب، خاصة أنه حتى الآن لم يتم توفير البديل للأهالى الذين سيتم ترحيلهم من على خط الحدود، رغم أن المخطط كان قديما وعرض على الأهالى وقتها إلا إن إغراء المال بسبب الأنفاق دفعهم للرفض والمعارضة بل والتهديد.. لكن الظروف الآن تغيرت ومصر كلها باتت على المحك بسبب الإرهاب.
أيضا لا بد بصورة سريعة من توفير كل ما يحتاجه القطاع عبر منطقة تجارة حرة أو شركة مصرية يمكنها إدخال المواد عبر معبر رفح البرى بصورة مباشرة للقطاع، حتى لا نستعدى حماس أكثر من اللازم ونضمن ولاءها لمصر، وحتى لا يقال إن مصر ساهمت فى إخماد صوت المقاومة ضد إسرائيل فى غزة - مع تحفظى الشخصى على أسلوب حماس فى القطاع وقمعها للمقاومة فى أحيان كثيرة ضد إسرائيل مثل منع الفصائل الأخرى من إطلاق نار أو صواريخ على إسرائيل.
حماس سواء اتفقنا أو اختلفنا هى فصيل مقاوم وطنى فى غزة.. نعم أصابته الحسرة بعد رحيل مرسى، إلا أن قادة الحركة الكبار يدركون قيمة وقامة مصر ودعمها للنضال الفلسطينى عبر سنوات لا يمكن إغفالها، ولدى يقين أن حماس يمكن احتواؤها مرة أخرى وضمان أمن الحدود.
الأمر الذى لا بد من وضعه فى الاعتبار أيضا هو أننا بحاجة إلى استراتيجية أمنية متكاملة تعتمد على التقنيات الحديثة وكاميرات المراقبة والرصد حتى لا نتحرك دائما بعد كل عملية إرهابية ونتحرك برد الفعل، نحن بحاجة إلى الفعل لحماية دماء أبنائنا سواء كانوا العسكريين أو المدنيين فى شمال وجنوب سيناء والإسماعيلية والشرقية والسويس وبورسعيد والمحافظات الأخرى أيضا نحتاج إلى تركيز إعلامى محترم على نبذ التعصب والعنف والفكر المتطرف واستباحة الدماء بدلا من التركيز فقط على الحشد ضد الإخوان، وكأننا نسينا كل مشكلاتنا وتفرغنا لجماعة تقتل نفسها بنفسها، ولا تستمع إلا لصوتها بعد أن خسرت وأصرت على تحدى الأغلبية الكاسحة من الشعب بل مهدت بقصد أو دون قصد لموجات إرهابية تقودها جماعة فلسطينية مارقة تطلق على نفسها أنصار بيت المقدس، وهى تحارب مسلمين فى مصر وبدلا من الدفاع عن بيت المقدس واستهداف إسرائيل تنفذ مخططا إسرائيليا أمريكيا لنشر الفوضى فى مصر، وكأن الأشخاص أهم من الأمم والأوطان.
إن هذه الجماعة التى أنشئت للمقاومة من سيناء وغزة ضد إسرائيل فقدت دينها وهويتها باستهداف مصر حصن الإسلام ضد كل الغزاة والأعداء على مر العصور، وعليها مراجعة نفسها مجددا لأن عزل محمد مرسى- وهو كان رئيسا فاشلا كاد يقضى على الوطن- لا يقابل أبدا باستهداف شعب بأكمله رفضه ورفض جماعته التى لا تتعلم من التاريخ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة