أكرم القصاص

الإعلام المجرم البرىء.. والسياسى «الأونطة»

الأربعاء، 02 أكتوبر 2013 07:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصحافة والإعلام مثل الطب والقضاء انعكاس للمجتمع، والذين يعملون فيهما مواطنون، فيهم الطيب والشرير والموضوعى والمتعصب ولا تخلو من فساد وتواطؤ، لكن لا يمكن إصدار حكم نهائى بأن كل الإعلام فاسد، أو كله برىء. نقول هذا بمناسبة تعبير سائد عن «الإعلام المغرض»، يطلقه غالبا سياسيون يقتاتون من الإعلام. وإعلاميون ـ صحفيون وفضائيون - يهاجمون الفساد وينسون أنفسهم على طريقة «كلهم فاسد ماعدا أنا». على طريقة بعض السائقين الذين يقعون فى كل أخطاء القيادة وتراهم يهاجمون الآخرين لأنهم «مابيعرفوش يسوقوا».

هناك من ينتقد الإعلام بموضوعية ويرى أنه يرتكب أخطاء تحتاج مواجهة، لكن منهم زملاء يقدمون النظريات عن الموضوعية، وهم يمارسون أكثر الجرائم خطرا.
هؤلاء يصحبون تنظيراتهم بقصص لهم وهم يقاومون القبح ولا يذكرون أبدا أنهم شاركوا فى هذا القبح ضد نظرياتهم.

منهم من يمارس المهنة، ويتهم الصحف والفضائيات الأخرى أنها غير موضوعية ومتحيزة، ويستثنى صحيفته أو فضائيته. طبقا لنظرية «الجحيم هو الصحف التى لا نعمل بها». وأعرف زميلا اعتاد شتيمة الصحف الأخرى، حتى جاء له عرض من صحيفة استقبلها بشتيمة، ومهد لنفسه بمقدمة تبريرية يشرح فيها أسباب انضمامه لجريدة كان يبصق عليها. وبدأ فى توجيه انتقاداته للصحف الأخرى.

أما النوع الآخر من الزملاء فيخفى الأخطاء المهنية التى أطاحت به، ليركز على أنه كان يصرخ فى مواجهة رؤسائه ويحمل وحده راية الموضوعية. ولن يذكر أبدا أنه كان فاشلا أو كسولا أو أنه تورط فى نقل موضوعات من زملاء له أو أنه وقع فى أخطاء مهنية. أعرف زميلا لف على كل أو أغلب الصحف الجديدة وكان غزير الإنتاج لأنه كان يسطو على جهود غيره وتم الاستغناء عنه بعد كشف فبركاته وسرقاته، وتحول إلى منظّر وشنّ هجوما على كل هذه الصحف. ولم يقل إنه طرد لأنه «مفبركاتى» لكنه كان يدبج مقالات يؤكد فيها أنه غادر هذه الصحف لأنها مشبوهة، ولم يذكر أنه مفبركاتى. وانتهى صاحبنا معلقا بالأجر، وشارك فى تمرير التزوير والتزييف المهنى متخليا عن نظرياته «المهنية الثمينة».

وفى سياق حملة «حيطة مايلة»، نجد عددا من السياسيين النشطاء ونجوم المرحلة يشنون هجوما على غياب الموضوعية ويهاجم الواحد منهم الإعلام باعتباره «أس» البلاوى مع أن هؤلاء الزعماء لم يكن أحد يعرفهم، وأصبحوا مشهورين بفضل ظهورهم الدائم فى الصحف والفضائيات.

ومنذ يناير 2011 وفى فوضى وكلاء الثورة، والائتلافات ظهر العاطل والباطل والطالع والنازل، وبفضل الإلحاح أصبح لدينا زعماء ولا زعامة وسياسيون ولا سياسة ونشطاء فى قمة الكسل. تحول بعضهم إلى أيقونات، بالحق أحيانا وبالباطل فى كثير من الأحيان، وبعضهم ليس أكثر من زعيم «أونطة». وبفضل الإعلام وصلوا لمجلس الشعب أو لجان الدستور، قبل أن يكتشف الناس أنهم اشتروا الوهم، وأن الإعلام صنع منهم زعامات وهمية.

النتيجة أن الإعلام ليس جحيما ولا جنة، والإعلاميون ليسوا ملائكة ولا شياطين ولكن بشر فيهم الجيد والردىء والفاسد والشريف، وأن بعض من يصدعوننا بنظريات عن الموضوعية أول من يقتلها. وأكثر عيوب الإعلام هم « إعلاميون وسياسيون «أونطة».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة