بين كل أصوات الطبل والزمر التى تضعك فوق الرؤوس، وتجعل من مصر «امرأة عانس» تتوسل ودك، وتطلب رضاك، وترجو أن تكون لها حاكما و«سى سيد» وراعيا وحاميا وخاتماً للأبطال المنقذين.. هل تسمح لى بالعزف على وتر مختلف؟!
صدقنى من الجيد ياسيادة الفريق، أن تسمع الأذن البشرية بعضا من الألحان المختلفة من حين إلى آخر، السلطنة لا يصنعها لحن واحد، والحقيقة لا تأتى عبر معلومة واحدة، والملل ينبت دوما من رحم تكرار الجملة الموسيقية، وكثير من السميعة الذين سقطوا فى فخ الاستسهال واستسلموا للإيقاع الواحد، فسدت أذواقهم وتأرجحوا حتى سقطوا مثلما خضع محمد مرسى للحن مكتب الإرشاد الذى يعزف على نغمة نحن نرى مالايراه الآخرون، فلم يجد مايعزفه للجمهور فى المؤتمرات سوى ذات اللحن وخرج فوق المنصات يصرخ: «أنا بشوف أكتر منكم»، حتى أراه الله آية من آيات الغضب الشعبى فى 30 يونيو.
حافظ على وقارك ياسيادة الفريق، ولا تتمايل على أنغام تلك الألحان التى تخطب ودك، وتهديك مصر، وكأنها جارية أو أسيرة حرب، راجع التاريخ القريب ثم حاول أن تقرأ بعضا مما ورد فى دفاتره عن الأزمان الماضية وستكتشف أن كل من نادتهم الجماهير سواء عبر صندوق أو ثورة شعبية وأخبرتهم أن مصر جاريتهم فى حاجة إلى حمايتهم، سقطوا تحت أقدام نفس الجماهير..
الجماهير المصرية ياسيادة الفريق تهوى صناعة الأساطير الشعبية، ونفس ذات الجماهير تأكل أساطيرها الشعبية، وكأنها صنم من عجوة حينما تكتشف أن صاحب الأسطورة خفيف القلب والعقل، بشرى عادى يضعف ويتهور حينما تدنو وتتدلى أمامه قطوف السلطة، الإخوان ظلوا أسطورة لمدة 80 عاماً ياسيدى، ولكنهم تحولوا إلى أضحوكة كبرى حينما جلسوا على الكراسى، وأصابهم تدلى ودنو ثمار السلطة أمام أفواههم، وتهافتوا عليها بشكل ينزع عن أسطورتهم كل القدسية..
الجماهير المنافقة تدعوك ياسيادة الفريق لاستكمال «جميلك» والترشح للرئاسة، إنهم يشوهون تحركاتك فى 30 يونيو، ويحولونه من عظمة كونها تحرك جندى مصر لتنفيذ مطالب الشعب، وتنفيذ قسمه بالولاء لأرض هذا الوطن، إلى تحرك تم تأسيسه بناء على تفضل وطمع فى كرسى السلطة.
أنت تدرك ذلك بالطبع ياسيادة الفريق، تدرك أن تحركك فى 30 يونيو لم يكن جميلاً ولا تفضلاً ولا أى شىء يمكن استخدامه فى المستقبل القريب أو البعيد لمعايرة مصر أو شعبها، أنت جندى مخلص وشجاع تعلم جيداً أن تحركك كان واجباً، من المؤكد أن أكثر الناس إدراكا لذلك لأنك كنت أكثرهم تأدية لواجبك بعد ثورة 25 يناير، واتضح ذلك فى هذه الطفرة التى صنعتها بالجيش المصرى تسليحاً وتدريباً وتنظيماً خلال شهور قليلة ماضية..
ياسيادة الفريق، الجماهير المنافقة لا ترى أبعد مما هو كائن أسفل أقدامها، ولا تهتم أصلاً سوى بالمكاسب السريعة، فلا تنخدع ببكائهم أو هتافهم أو تهليلهم وتخضع لرغباتهم، لا تفعل مثلما فعل الخطيب ومن قبله مارادونا حينما خضع كل منهم لنداءات الجماهير فى المدرجات، ونزل إلى الملعب وهو يعلم تماماً أنه مصاب والظروف لا تسمح له بالمشاركة، واللعب الرسمى ودفع الثمن غالياً، حينما قصروا بأيديهم عمر بقائهم فى الملاعب، وأضاعوا على أنفسهم العديد من الإنجازات التاريخية مقابل الخضوع لجمهور، لم يكن يفكر سوى فى إحراز هدف أو مشاهدة لعبة حلوة أو الفوز بمباراة.
لا تفعل مثل الخطيب ومارادونا.. لا تخطب ود الجماهير على حساب الحقيقة والمصلحة العامة لنفسك والوطن، الوطن فى حاجة إلى التخلص من ثقافة الفرد الملهم، الوطن فى حاجة إلى نهضة لن تقوم إلا على أكتاف عمل جماعى وثقافة دولة المؤسسات..
لا تغرنك طلبات اللهفة التى يقدمها البعض باسم مصر، مصر ياسيادة الفريق أكبر من أن تطلب شخصا، مصر تطلب نهضة شاملة تحققها، رسمتها أنت فى خطاب سابق بالحديث عن تأسيس الدولة المدنية الحديثة، التى لا تعرف معنى لوجود جنرال فوق كرسى الرئاسة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة