تلقيت أمس الأول مكالمة هاتفية من الدكتور صابر عرب، وزير الثقافة، تعليقًا على مقالى المنشور فى «اليوم السابع» بعنوان «وزارة العقل بلا عقل». قال «عرب» إن وزارة الثقافة الآن تبذل جهدًا مضاعفًا من أجل الوصول إلى كل مواطن مصرى، وإنها حريصة على تنفيذ أجندة وطنية تخدم الوطن والمواطن، مؤكدًا فى الوقت نفسه أن الأحداث التى تمر بها مصر الآن تعيق الكثير من الخطوات المهمة التى يجب أن تتخذها الدولة فى هذا الشأن. وقال إن الوزارة لديها العديد من المشروعات الثقافية المهمة، وأن الوزارة بدأت بالفعل فى الخروج من شرنقة القاعات المغلقة، ووضعت خطة لتوسيع مجالاتها، وابتكار وسائل جديدة من أجل التواصل مع القاعدة الجماهيرية العريضة.
كان حديث الدكتور صابر عرب أشبه بعتاب خفيف، ولوم على ما كتبته فى المقال، وبرغم أننى أشرت مرارًا فى هذا المقال إلى أننى لا أقصد إلقاء اللوم على الوزارات السابقة، ولا الحالية، إنما أرى أن سياسات الوزارة على مر العصور كانت فاسدة، وأنه آن الأوان لتغييرها، والعمل على زرع الثقافة فى كل بيت مصرى، لكنه رأى أن فى كلامى شيئًا من التجنى أو القسوة، مؤكدًا أن الحكومة الحالية تؤمن تمام الإيمان بأهمية الثقافة، وأنها شكّلت لجنة برئاسة الدكتور حسام عيسى، نائب رئيس الوزراء، وزير التعليم العالى، من أجل التنسيق بين الوزارات المعنية بالتواصل مع الجمهور، مثل وزارات التعليم، والتعليم العالى، والأوقاف، والإعلام، والشباب، والرياضة، وذلك من أجل العمل على توصيل رسالة الثقافة إلى كل بيت مصرى، وأن الأيام القليلة القادمة ستشهد تطورًا ملحوظًا فى هذا الملف، إذ تنوى الوزارة الاستفادة من إمكانيات الوزارات الأخرى من أجل إفشاء روح الثقافة فى المجتمع المصرى، والارتقاء بثقافة المواطن. وأوضح أن الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، يهتم كثيرا بالملف الثقافى، وأنه من أجل ذلك أنشأ لجنة لحماية صناعة السينما، وأن الحكومة بأكملها تضع الثقافة نصب عينها، مؤكدًا أن الظروف الحرجة التى تمر بها مصر جعلت المعركة الثقافية معركة حياة أو موت، وأنه ليست هناك فرصة للفشل، ولا بديل عن النجاح.
حمل حديث الدكتور صابر عرب الكثير من الإيجابية، وانشرح صدرى حينما قال لى إن هناك تنسيقًا قائمًا بالفعل بين العديد من الوزارات، وتشكيل ما يشبه محور الثقافة فى الحكومة، لكننى فى الوقت ذاته أكدت له أن الحكومات المصرية، بما فيها الحكومة الحالية، لا تتحرك بناء على قواعد علمية، إنما يكون عملها فى الغالب رد فعل على ما يسمى بـ«الرأى العام»، فمثلا تشغلنا الآن فكرة «محاربة الإرهاب» وهى فكرة فضفاضة، وعنوان عام كبير، فتأتى الحكومة لتحشد مؤسساتها من أجل هذا العنوان العريض، دون دراسة أسباب هذا الإرهاب، ودون معرفة مدى توغله فى محافظات مصر، واختلاف درجاته بين كل محافظة وأخرى. وكما تتبنى الحكومة عنوانًا عريضًا غير مدروس، تتبنى الوزارات العنوان ذاته بنفس الآلية، ويصبح اهتمامنا «قشرة»، وتتحول القضية إلى «هوجة» تتفنن كل وزارة فى تناولها كيفما يروق لها، فتتحول قضايانا الكبيرة إلى مواسم عشوائية من ردود الأفعال التى لا تغنى ولا تسمن، وكان رد الوزير هو أن العمل الآن يسير على قدم وساق، وأن دراسة الحالة الثقافية تسير الآن بالتوازى مع خطة الوزارة فى توسيع مجالاتها، وهو الأمر الذى سيكون له أبلغ الأثر فى الأيام القادمة..
سنرى.