سياسياً وشعبياً.. تبدو كل التسريبات التى نشرتها «رصد» من حوار الفريق السيسى مع ياسر رزق رئيس تحرير المصرى اليوم بلا تأثير، وتحديداً لدى الفيلق الشعبى الذى قرر أن يرفع صور السيسى فى الميادين والشوراع، بل يمكنك أن تتخطى فكرة التأثير هذه، لتكتشف أن أغلبية الفيلق الشعبى هذا ترى فيما ورد عن الفريق السيسى من آراء عبر هذه التسريبات أسباباً أخرى لدعمه وتأييده..
ولكن إن كان هذا رأى المؤيدين على طول الخط، فهل لأصحاب العقول والراغبين فى التأنى والتروى والفحص والتمحيص آراء أخرى؟
قطعا نعم، ويكفيك أن تعترف بأن تسريبات رصد، إن لم تكن قاتلة لشعبية السيسى فى الشارع، فهى عيار طائش لا يصيب هدفه، ولكنه يصنع الكثير من الجلبة والدوشة ويخلق مجالا للعكننة حول الهدف المراد.. وهذا ماحدث بالضبط، حتى وإن لم يعلنها الأنصار والمطبلاتية.. هناك شىء ما يخص فكرة الاطمئنان اضطرب وارتبك بعد ظهور التسريبات، شىء يخص الثقة فى قوة أداء السلطة وقدرتها على الحفاظ على أسرارها، واختيار رجالها..
الاعتراف بالخطأ فضيلة، فضيلة تمنحك القدرة على المضى قدما فى طريق الإصلاح، ولابد أن تعترف بأنك مستاء لأنه على المستوى السينمائى والواقعى، يبدو المشهدان متطابقين إلى أقصى حد..
مشهد 1:
الراقصة اللولبية دينا أمام الكاميرات تحاول معالجة دموعها وخجلها، ويبدو على ملامحها الكثير من «الخضة» والاندهاش، وهى تصرخ: (والله العظيم لم أعرف أن أبوالفتوح كان بيصورنى عريانة على السرير.. ده جوزى ياجدعان.. صحيح بورقة عرفى، بس جوزى، ولم أتخيل إن جوزى يصور لقاء حميمى وسرى بكاميرا فيديو، ويوزع السيديهات فى الشوارع).
مشهد 2:
الفريق السيسى والعاملون فى مكتبه وياسر رزق يظهرون أمام الكاميرات بعد نشر تسريبات حواره مع المصرى اليوم، وتبدو على ملامح بعضهم آثار الخجل، بينما يجتهد البعض الآخر فى محاولة علاج آثار «الخضة» التى تسيطر على ملامحه، ثم يهتفون بصوت واحد أمام الكاميرات: (والله العظيم لم نعرف أن جيب ياسر رزق مخروم والفلاشة هتقع منه.. ده ياسر قال أمام منى الشاذلى: الفلاشة لا تزال فى جيبى..)
هل ترغب فى سماع قول آخر أكثر جدية من مسألة المشاهد السينمائية هذه؟!
حسناً.. تعالى أخبرك أن ماحدث فى حوار ياسر رزق مع وزير الدفاع كوكتيل كوارث، سندوتش مكوناته كلها بلاوى ومصايب أهمها كارثة مهنية تتعلق بخطأ رئيس التحرير الذى تكبر على المهنة، وقرر إسناد مهمة تفريغ حوار بهذه الأهمية إلى عدد من زملائه الصحفيين، مستخدما نفوذه وسطوته كرئيس تحرير، الكارثة الثانية تتعلق بالفكرة فى حد ذاتها.. فكرة الاستهتار داخل مكتب وزير الدفاع والسماح بتسجيل دردشات جانبية مع صحفى بعيداً عن مسار الحوار الأصلى، ثم خروج التسجيل من مكتب وزير الدفاع دون أى نوع من أنواع التأمين أو التشديد على مراجعة ماورد به أو ماورد بالحوار..
تعالى ننتقل إلى مرحلة أخرى من الأسئلة ونقول: هل ماورد فى تسريبات رصد أمور خطيرة كما يروج الإخوان؟
بمزيد من التفكير يمكنك أن تقول «لا» وأنت مرتاح، لأن كشف التسريبات عن تفكير وزير الدفاع فى الترشح لرئاسة الجمهورية، هو أمر سبق وأن أكدته تصريحات كثيرة، وتبثه الضغوط السياسية التى تريد من الرجل إعلان ترشحه للرئاسة، ولكن تكمن الخطورة الحقيقية فى ما أبداه وزير الدفاع من رغبة فى تحصين المنصب، لأن التفكير بهذه الطريقة يعود بنا سنوات طويلة إلى الوراء..
أنت تبحث عن الخلاصة.. والخلاصة ياسيدى تقول إننا أمام استهتار غير مسبوق فى مؤسسة هامة، وكارثة مهنية غير مقبولة من رئيس تحرير لصحفى كبير، وتسريبات تتضمن كلاما عاما يمتاز بالميوعة والمطاطية التى تمنح صاحبه فرصة للتوغل الشعبى، وكسب الوقت من أجل معركة تغفل القوى المدنية أو تتناسى الاستعداد لها، وحينما تحين ساعة الصفر الانتخابية سنكتشف جميعا أن القوى المدنية والثورية جالسة أقصى يسار الصورة تندب حظها وتنعى فشلها وعدم قدرتها على التوافق واختيار مرشح رئاسى يكلم الناس باسمها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة