هناك حالة انزعاج شديد وغضب من قانون التظاهر الذى وافقت عليه الحكومة مؤخرًا وينتظر تصديق الرئيس عدلى منصور عليه. الرافضون للقانون استبقوا موافقة الرئاسة، وبدأوا فى شن حملة هجوم ضارية عليه لمنع صدوره، والسبب أنه «قانون تقييد حرية التعبير والتظاهر السلمى والاعتصام، وضد مكتسبات ثورة يناير». الانزعاج والقلق مبعثهما مخاوف - ربما تكون مشروعة - من حزمة قوانين جديدة تخشى القوى السياسية والثورية أن تحدث انتكاسة فى مسار ثورة الشعب وأهدافها، وعدم الثقة فى نوايا الحكومة الحالية رغم أنها من المفروض حكومة ثورة 30 يونيو. ومن حق الجميع أن يقلق على مستقبل الحريات فى مصر من أى قوانين تمس حرية التظاهر والاعتصام السلمى، لكن نحن فى حاجة أيضًا فى مرحلة بناء الدولة المدنية الجديدة إلى تشريعات وقوانين تنظيمية تؤسس لثقافة جديدة فى تنظيم الاجتماعات العامة، والتظاهرات السلمية، والمواكب والاعتصامات، بما لا يتعارض والمصلحة العامة للدولة، والأمن القومى للبلاد، ومصالح الناس، فالدول الديمقراطية أو تلك التى قطعت شوطًا ليس طويلًا فى مسار الإصلاح السياسى لديها قانون للتظاهر، له قواعد وشروط ومعايير يجب على أى جماعة أو حزب الالتزام بها قبل الخروج فى مسيرة، أو مظاهرة، أو عقد اجتماع عام، والكل ملتزم بها، دون الخروج على القانون، أو التجاوز الأمنى ضد المتظاهرين السلميين، وأى محاولة لكسر القانون تواجه بكل قوة وحسم، وأحيانا بعنف.
وأظن أن القانون الحالى للحكومة الغرض منه هو تنظيم التظاهر، وليس منعه، وليس هناك عاقل بعد ثورتين شعبيتين يوافق على منع التظاهر السلمى. وحسب مسمى مشروع القانون فإنه قانون «لتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية فى الأماكن العامة»، وبالتالى هو قانون ليس لمنع التظاهر.
رد الفعل تجاه القانون الجديد به نوع من «التشنج» والانفعال والمبالغة، وإذا كانت هناك تحفظات على القانون، وبعض صياغاته المطاطة والمبهمة وغير الواضحة، فالحل هو الحوار المجتمعى، والنقاش حول مسودة القانون، وليس التهديد والوعيد بالتظاهر ضده ورفضه لمجرد الرفض دون قراءة أو مناقشة حقيقية له. الحكومة أخطأت عندما أقرت القانون، وأحالته إلى رئيس الجمهورية دون طرحه للحوار مع جميع القوى السياسية والثورية حتى لا نصل إلى مرحلة الصدام الذى تتمناه وتترقبه الجماعة «المحظورة».. وهنا أدعو الرئيس عدلى منصور إلى عدم التصديق على القانون، وعرضه للحوار والنقاش المجتمعى.