لم يجف بعد الحبر الذى كتب به الكاتب والروائى علاء الأسوانى كلماته النارية ضد استبداد مبارك ونظامه، كان يفعل ذلك فى عز جبروت هذا النظام وسطوته الأمنية، كان يكتب ويتحدث مجلجلًا فى الندوات مبشرًا بالثورة.
كان «الأسوانى» معارضًا شرسًا لنظام مبارك، ومعارضًا أشرس لتوريث جمال مبارك، فى وقت كانت جماعة الإخوان تتفاوض معه من أجل صفقات ليكون لها نواب تحت قبة البرلمان، وليس لديها مشكلة فى أن يكون «جمال» رئيسًا، مع ذكرها لبعض الشروط مثل أن يترشح فى انتخابات حرة نزيهة، كان ذكر «الجماعة» لهذه الشروط من قبيل «لزوم ما يلزم».
كان «الأسوانى» من مؤسسى حركة كفاية وتظاهر معها فى الشارع ضد مبارك ونظامه تحت شعار: «لا للتمديد.. لا للتوريث»، بينما تمثلت كل علاقة «الجماعة» بـ «كفاية» فى وجود عضو وحيد منها هو الكاتب الصحفى محمد عبدالقدوس، ولم يكن انضمامه إليها بقرار من «الجماعة».
نظرت «الجماعة» إلى كفاية على أنها الحالة التى لابد من تأديبها، لأنها خلقت حالة جديدة فى التعبير عن الغضب ضد مبارك بتظاهرها فى الشارع، وفضحت بهذا النهج أسلوب «إتمسكن حتى تتمكن»، الذى يجيده الإخوان فيعطون للمستبدين عمرًا أطول، هى فعلت ذلك، بينما دقت «كفاية» ومنها الأسوانى مسمارًا كبيرًا فى نعش نظام مبارك.
لم يتأخر «الأسوانى» لحظة عن ثورة 25 يناير، أما الإخوان فقصتها معروفة معها، بدءًا من تأخر مشاركتها فى الثورة حتى يوم 28 يناير، والغريب أنها ظنت أن الشعب المصرى بلا ذاكرة، فتحدثت فيما بعد عن أنها التى أطلقت شرارة الثورة، وعاشت على هذه الكذبة حتى ركبت بها الحصان، وكأنه لم يكن هناك غيرها فى ميادين الثورة.
ذهبت «الجماعة» علنا وبالصوت والصورة إلى مفاوضات مع اللواء عمر سليمان بعد تعيينه نائبا لمبارك، وكان هذا تكتيكا منها لا يستند إلى أى مبدأ، وإنما أرادت مسك العصا من الوسط، فإن فشلت الثورة ضمنت نجاتها من البطش المتوقع، وإن نجحت ستقول إنها كانت تفاوض وكوادرها فى الميادين، هى فعلت ذلك بينما كان علاء الأسوانى يرفض أى مساومات واجتماعات مع نظام مبارك، تحت مبدأ: «لا صوت يعلو فوق صوت الثورة».
تمنى «الأسوانى» أن يكون مرسى رئيسا لكل المصريين، وظن أن ثورة 25 يناير كفيلة بأن يفهم الجميع درسها ورسالتها، فاجتمع مع آخرين مع مرسى حتى يكون كما يريد المصريون، لكن مع أول لحظة لحس فيها مرسى وعوده تحول الأسوانى إلى معارض شرس له، وكما فعل مع حكم المجلس العسكرى، فعل مع مرسى.
هى إذن قصة المثقف حين يختار مسافة بينه وبين أى سلطة، طالما لا تنحاز هذه السلطة إلى مطالب الشعب وأبسطها حقه فى الحياة بكرامة.
كل هذا التاريخ الناصع من علاء الأسوانى لم تفهمه الجماعة، فتجمع عدد من موتوريها أثناء ندوة للأسوانى فى باريس، يهتفون ضده، ويسبون الجيش المصرى، ويطلقون كلمات من قاموسهم الردئ.
هم واصلوا فى ذلك عادتهم القبيحة مع كل من يعارضهم، حتى لو كان معارضًا أشرف منهم، و«الأسوانى» عينة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة