فى حمى المبادرات والتحركات والأحاديث عن المستقبل أو التقدم، نحن فى حاجة إلى مصالحة مع القانون، وإرادة لتطبيقه، وما لم يكن هناك حل لمشكلة الأمن والمرور، فلا يمكن الحديث عن استثمار أو سياحة أو تقدم، ولا يمكن التوجه للمستقبل بهذا الترهل والفوضى التى تسيطر على الشارع.
بشكل عاجل، مصر فى حاجة لحل حقيقى لمشكلات الأمن التى تبدو بلا حل، ويجب البحث عن أفضل السبل لاستعادة الشرطة دورها فى حماية الأرواح والممتلكات، وتنظيم المرور بإرادة حقيقية، فقد تجاوز الأمر الانفلات الأمنى إلى الفوضى، وما لم تتم السيطرة على هذه الفوضى فلا يمكن الحديث عن تقدم. والأمر كله مرتبط باستعادة القانون، وفرضه بحسم وبلا مواربات أو تنازلات، لأن تطبيق القانون فى المرور والأمن هو الأولوية الأكثر أهمية.
هناك تصريح صادم لمساعد وزير الداخلية، مدير مرور العاصمة اللواء حسن البرديسى، قال فيه إنه لا توجد إرادة جدية لحل مشكلة الزحام فى العاصمة. وقال إن القانون الحالى به غرامات قليلة جدًا لمخالفات جسيمة، والعكس صحيح، وإن هناك مسودة بالتعديلات المطلوبة على قانون المرور الحالى. وقال إن حل مشكلة المرور يتطلب يدًا قوية، وتكاتفًا من الشعب، لأن المرور مرآة المجتمع، وتفاقم المشكلة جعل «شكلنا وحش» أمام العالم.
وكلام مدير مرور العاصمة ينطبق على المرور فى المحافظات والمدن والقرى التى تحولت إلى مجال للفوضى التى ربما لو استمرت يصعب السيطرة عليها.
نحن أمام فوضى الاستهانة بالقانون من قبل كل أنواع المركبات والسائقين وإمبراطوريات النقل والميكروباص والملاكى والأجرة، ولا يمكن تجاهل «التوك توك» الذى أصبح قضية القضايا.. الكل يتحدث عنه ويعانى، ولا أحد وقف وطرح مبادرة لمواجهة هذه الأزمة التى أصبحت تتجاوز كل عقل ومنطق، فهذه المركبة القادمة من آسيا تحولت إلى أداة إزعاج خارج القانون، لا يتم ترخيصها، وبالتالى لا حساب لها، وبالتالى نحن أمام ملايين الكائنات العشوائية التى تسير وتقف فى الممنوع، ولا تجد من يقول لها كلمة أو يواجهها، بل إن «التوك توك» يقوده أطفال تحت السن، وهى فى حد ذاتها مخالفة، ولا تبدو مهمة أو تلفت نظر القائمين على شؤون البلاد.
ولا مانع من أن تبحث الحكومة وخبراء المرور عن حل يسمح لهذه المركبات بالعمل فى إطار قانون واضح، بدلًا من تركها أداة إزعاج ورعب، لأن عدم ترخيصها يجعلها خارج إطار المحاسبة أو المواجهة، فتتحول إلى جريمة تسير فى الشوارع.
الحكومة تبدو كأنها تستكبر على مناقشة قضية «التوك توك»، أو أن توفر الإرادة لفرض قانون المرور ومواجهة الفوضى، وتفضل المناقشة فى الكليات والقضايا الكبرى، بينما مواجهة المشكلات الصغيرة هى الأولى بالالتفات والمناقشة.
المبادرة المطلوبة اليوم هى إعادة الاحترام للقانون، أى قانون وتطبيقه، وهو أمر أكثر إلحاحًا من أى قوانين تفكر فيها الحكومة الآن، لأنه من دون فرض الأمن وتنظيم المرور وتنظيف الشوارع، يستحيل الحديث عن تحقيق أى خطوات للأمام.