من حق أى دولة رفض تعيين أو استقبال سفير لا ترغب فى وجوده على أراضيها إذا كانت ترى أنه يهدد أمنها الوطنى أو تتشكك فى نوايا اختياره سفيرا لديها. وهذا حق أصيل لها وليس بدعة فى قيام دول كثيرة فى رفض أو الاعتذار عن عدم قبول سفير واعتماد أوراقه حتى لو كان سفير الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل، فى حالة إذا كانت هذه الدولة ذات إرادة سياسية حرة ولا تستجيب لأى ضغوط خارجية.
واشنطن وتل أبيب تختاران بدقة وعناية ولأغراض استخباراتية وسياسية سفراءهما للخارج وخاصة فى الدول ذات الثقل السياسى والأهمية الاستراتيجية فى العالم الثالث مثل مصر وسوريا والسعودية وباكستان.
إسرائيل ومنذ أن بدأت علاقتها الدبلوماسية مع مصر عام 80 لم ترسل إلا ضباطا أو عملاء فى الموساد أو دبلوماسيين ذوى خبرة كبيرة بمصر منذ أول سفير لها فى القاهرة إلياهو بن اليسار وحتى السفير الأخير يعقوب اميتاى. للأسف لم ترفض مصر طوال تلك الفترة أى سفير لإسرائيل أو تعتذر عن قبول اعتماده مثلما فعلت دول أخرى مع تل أبيب، وربما كان ذلك لمواءمات سياسية يكون لواشنطن دور فيها.
السفير الإسرائيلى فى القاهرة منذ عام 80 وهو «شخص غير مرغوب فيه» شعبيا، ودائما ما تتعامل معه الأوساط الشعبية والسياسية غير الرسمية فى مصر كالشخص المنبوذ والمرفوض وتفرض عليه حصارا حتى رحيله وعودته إلى تل أبيب مرة أخرى.
خلال الأيام الماضية أعلنت إسرائيل تعيين سفيرها رقم 12 فى مصر وهو حاييم كوران والذى يوصف بأنه «مهندس تخريب العلاقات بين شمال وجنوب السودان» عندما كان سفيرا لدولة الكيان الصهيونى فى جنوب السودان وساهم بدور كبير فى توطيد العلاقات الإسرائيلية مع دولة الجنوب الوليدة، واتهمته الحكومة السودانية فى الشمال بتخريب العلاقة بين جوبا والخرطوم.
يعنى تل أبيب تحسن اختيار سفرائها إلى مصر بالتأكيد وهذا حقها لتحقيق أهدافها «المخابراتية» والسياسية، ومن حق مصر أيضا أن ترفض اعتماد أوراقه لأنه «شخص غير مرغوب فيه» وهو مصطلح دبلوماسى متعارف عليه. ومصر ليست أقل من دولة تركمانستان التى رفضت تولى كورن سفيرا لديها لأنه «سفير سيئ السمعة» ويتدخل فى الشؤون الداخلية للدول مثلما حدث فى جوبا.