النتيجة النهائية للتفاعل مع برنامج البرنامج لباسم يوسف، أن المصريين يريدون أن يضحكوا ويبتسموا للتغلب على منغصات يومية وغموض. الناس تريد أن تسخر وأن تنبسط حتى لو سخروا من أنفسهم. مع العلم أن «البرنامج» عاد بعد فترة انقطاع طويلة قبل 30 يونيو، ووجد نفسه فى مأزق نفسى وضغوط من كل الأطراف، أنصار الإخوان راهنوا على أن باسم لن يجرؤ على انتقاد السيسى، والرئيس، والسلطة الحالية، مثلما فعل مع الدكتور مرسى، وفى الطرف الآخر كان هناك نشطاء كانوا أكثر من دعم شهرة باسم على يوتيوب، واعتبروا باسم ينتمى إليهم، وبعضهم يحمل موقفا مترددا من 30 يونيو، طالبوا أن يواصل باسم فى نفس الاتجاه، ويسخر من السلطة الحالية ممثلة فى الرئيس والفريق السيسى. وفى المقابل كان هناك جمهور آخر رأى أن له حقا لدى باسم ألا يسىء إليه وإلى مايعتقده ويرفض الإساءة للجيش. بينما الجيش نفسه مباشرة أو بطريق غير مباشر أعلن أنه ليس ضد البرنامج. ولا يفترض أن يكون.
ويبدو أن باسم أمام الضغوط، أراد التأكيد على انه مستقل وأنه سيواصل طريقه، ولهذا جاءت الفقرة الخاصة بالرئيس والفريق قديمة وأقرب لإثبات الموقف منها إلى السخرية، لأنها تعلقت بمواد قديمة، تم استخدامها وتداولها على فيس بوك وتويتر، كما أنها كانت مرتبكة بعض الشىء ربما لإرضاء كل المطالب. ومع هذا لم يرض أى طرف، غضب قطاع من جمهور باسم الذى انضم لجمهوره الأول، وهؤلاء جمهور عام، أو قطاعات كانت ضد الإخوان، ورأت أن الجيش غامر وتحدى الخطر، وتحمل مسؤولية أكبر مما تحملها المجلس العسكرى بعد مبارك. وهؤلاء رأوا أنه من غير اللائق أن ينحاز باسم لقطاع على حساب قضية وطنية، لاتحتمل الهزل أو المواقف الغامضة.
ولا ننسى أن باسم اعترف أن الخطابات والكلمات الرئاسية للدكتور مرسى كانت تمثل فى حد ذاتها وبدون أى رتوش، عامودا مهما فى البرنامج. وهى مادة دسمة وثرية انقطعت، وتوقفت، ولم يعد الواقع يمثل جديدا.
جاء الاختلاف حول الحلقة الجديدة، بين من يرى أن هناك مبالغة فى الإفيهات الخارجة والإيحاءات الجنسية، ومن يراها عادية تنقل ماهو موجود فى الواقع ومن يرى الأغنية حملت موقفا مائعا مما يجرى، وهذه النقطة هى التى دفعت إدارة القناة لإصدار بيان تعتذر فيه عما رأت أنه اختلاف مع الشعور الوطنى، وهو بيان لايشير إلى وقف البرنامج وإنما يخلى مسؤولية القناة وصاحبها عن الموضوع.
ربما كان الاختيار أمام باسم وفريقه، أن يوسعوا من مجال البرنامج، مع الأخذ فى الاعتبار أن جمهوره اتسع، ولم يعد قاصرا على جمهور اليوتيوب. وربما على هؤلاء أن يتركوا الناس تفرغ من غضبها فى الفرجة على عروض ساخرة، وأن يتركوا لباسم المجال ليتجاوز الضغوط، ويعمل لتوسيع دوائر نقده، والأهم أنه البرنامج الساخر الوحيد وسط برامج لاتقدم جديدا.
مع العلم أن المطاردات القضائية والشتائم ليست أفضل الطرق لمناقشة برنامج ساخر، والأفضل أن يتم مناقشة أمر برنامج ببرنامج وانتقاد بانتقاد، وعلى من يرفضون أن يستخدموا الريموت. وألا يعتبروه ملكية خاصة لهم، وأن يتحرر باسم من الضغوط ليبحث عن طريق لاستمرار برنامجه بسخرية قادرة على تجاوز السياسة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة