وائل السمرى

أنت مع حكم العسكر؟ «2-2»

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013 11:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مقال أمس، حاولت أن أشرح ما يمكن أن تطرحه كلمة «حكم العسكر» من معانٍ، كما حاولت أن أبرز خصوصية الشأن المصرى فى هذا الأمر، موضحًا أن مسألة توغل الجيش فى الحياة المدنية لم يكن أمرًا مفاجئًا ولا مستهجنًا، لأن الشعب المصرى فى مجمله لا يكن بغضا للجيش أو خوفًا منه، بل على العكس تماما، نكن له كل الحب والتقدير ونعتبره أهلاً للثقة ومحلا لها، لكننا فى ذات الوقت لا نعطى له «شيك على بياض» وبحسب قوة قائده ووطنيته نتخذ الموقف المناسب منه، دون أن نحسب ضعف هذا القائد- إذا كان ضعيفًا- ضعفًا فى مؤسسة الجيش ككل، أو نحسب تخاذله- إن كان متخاذلاً- تخاذلاً فى الجيش، وهى المفارقة التى يؤكدها موقف الشعب المصرى من المشير السابق محمد حسين طنطاوى الذى رآه الشعب أقل من قيادة شعب مصر، بالمقارنة لموقفه من الفريق أول عبدالفتاح السيسى الذى تتهافت عليه قطاعات عريضة من الشعب المصرى ليترشح للرئاسة، وهنا مربط الفرس.
الآن يأتى دور الإجابة عن السؤال: أنت مع حكم العسكر؟ وأقول لك: لو كان حكم العسكر يعنى ما ذكرته فى مقال أمس من سيطرة العسكريين على مفاصل الدولة وفرض إرادة فوقية قهرية على المجتمع بقوة السلاح، دون رغبة من الشعب أو رضا، وأن تصبح الدولة رهنًا لإشارة الحاكم العسكرى الذى غالبًا ما يغتصب السلطة مدججًا بالسلاح والإرهاب، دون أن يكون للناس حق الاعتراض عليه أو مقاومته، فأنا بالطبع ضد هذا الحكم قلبًا وقالبًا، ولن أتردد يوما فى الوقوف ضد هذا النظام المتعفن من أنظمة الحكم المستبدة، كما وقفت من قبل، وحتى لو كلفنى هذا الموقف حياتى، وإن كانت دولة العسكر تعنى أن نعيش فى دولة تكثر فيها المحاذير وتتعدد فيها الخطوط الحمراء، رافعة شعار «السرية» أبد الدهر بدعوى تحريم إباحة المعلومات لإضرارها بالأمن القومى للبلاد، مع جواز انتهاك خصوصية الإنسان وحرماته تحت مزاعم الحفاظ على الحياة العامة فإنى لا يشرفنى العيش فى كنفها وعلى أتم استعداد أن أموت فى سبيل زوالها، لكن لو كان «حكم العسكر» يعنى تولى مواطن مصرى ينتمى للمؤسسة العسكرية حكم مصر عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة فإنى أعلنها صريحة أننى أرحب تمام الترحيب به، كما أرحب بأن يتولى مصر طبيب أو مهندس أو إعلامى أو شاعر، فالعسكريون أبناء مصر الأوفياء، مثلهم مثل الأطباء والمدرسين والمهندسين وغيرهم من أرباب المهن «المحترمة» والشرط الوحيد الذى لا يجب ألا نتخلى عنه فى هذه المسألة هو شرط «الوطنية» إذ لا يجوز أبدًا أن نساوى بين رجل عسكرى سابق مثل هذا الإرهابى الذى حاول اغتيال محمد إبراهيم، وزير الداخلية، ورجل عسكرى يحمى حدود مصر ويسهر فى شوارعها وميادينها حارسًا لها، تماما كما لا يجب أن نساوى بين طبيب مجرم مثل طبيب واقعة أسوان الذى عذب ضباط الشرطة، وطبيب وطنى مثل الطبيب العالمى مجدى يعقوب الذى يعالج أبناء الصعيد فى مستشفاه فى أسوان.

من هذا المنطلق، فإنى أرحب بأن يترشح «أى عسكرى» لرئاسة الجمهورية، والرأى يومئذ للشعب، يقبل من يقبله ويرفض من يرفضه، أما دولة العسكر وآثارها فى مصر فهو الأمر الذى لابد أن نواجهه بكل قوة، فمثلما لا أقبل بالتمييز السلبى لأبناء القوات المسلحة وإقصائهم من الحياة المدنية، فإننى لا أقبل أيضا بالتمييز الإيجابى الذى عانت مصر منه طويلاً.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة