إذا كان باسم يوسف قد أغضب الجميع من حلقته الأخيرة من برنامجه «البرنامج» فهذا يعنى نجاحا له.
التف المشاهدون حول شاشات التليفزيون ينتظرون، ماذا سيقدم باسم بعد غيابه، وبعد أن فقد أهم مصادره فى السخرية، ممثلة فى وجود محمد مرسى وحكم جماعة الإخوان، ووجود الفضائيات الدينية التى كانت مصدرا هاما له باستضافتها لشيوخ الفتنة الذين كانوا يفتون فى كل شىء، ويكفرون المعارضين لهم، ويرفعون محمد مرسى إلى مرتبة الأنبياء، وقسموا شعب مصر إلى فسطاطين، واحد يمثل الإيمان الذى هم منه، وواحد يمثل الكفر الذين هم معارضوهم.
فى ظل هذا التحدى جاءت حلقة باسم يوسف، وشملت نقدا لاذعا لجماعة الإخوان، ونقدا لاذعا للمعسكر المعارض، ووضع يده على كتيبة المنافقين الذين تسلقوا ثورة 25 يناير، وأعطوا لنفسهم صك اختراعها والتبشير لها، فى حين أنهم كانوا من أشد أعدائها، ولما جاءت ثورة 30 يونيه، ركبوا السفينة وتنكروا لثورة 25 يناير، وهكذا فإنه إذا كان هؤلاء غاضبون من باسم، فالأولى أن يغضبوا من أنفسهم لأنهم هم الذين أعطوا له مادة السخرية منهم، وعلى هؤلاء أن يتأكدوا أن ما نطق به باسم نحوهم، ما هو إلا تعبير حقيقى عما تختزنه ذاكرة المصريين التى لا تنسى كل الذين وقفوا فى وجه سلطان جائر، والذين لا صنعة لهم غير نفاق السلطان.
قد يكون هناك وجهات نظر نقدية مفيدة لما قدمه باسم، وأهمه على الإطلاق هو الإفراط فى «الإفيهات» الجنسية التى تذهب إلى حد الصراحة أحيانا، وهذا النقد تأتى أهميته فى أن ذكره لا يقتصر على آراء النخبة، وإنما يأتى من المشاهدين البسطاء أنفسهم، خاصة أن أهم ميزة فى «البرنامج» أن الأسرة المصرية تلتف حول شاشة التليفزيون لمشاهدته، وإصرار باسم على الاستمرار فى ذكر هذه النوعية من الإفيهات يخدش الحياء بين أفراد الأسرة، مما يفقده جمهورا بطريقة لا داعى لها.
الأمر الثانى فى ما قدمه باسم يتمثل فى كل هذه العدوى من العداءات والنقد والبلاغات ضده بسبب، ما فسره البعض بأنه أساء للفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، وبأنه أساء للرئيس «المؤقت» عدلى منصور، وإذا كان هناك تفسير منطقى لهجومه على «عدلى منصور» بأنه جاء ليؤكد على أنه إذا كان باسم قد هاجم مرسى «الرئيس» من قبل، فإنه يهاجم أيضا «عدلى» الرئيس، وبالتالى فإنه ينفى عن نفسه صفة الترصد لمرسى تحديدا.
وأياً كانت وجاهة ذلك، فإنه ليس من المفهوم كل هذا الغضب من مؤيدى هذه المرحلة على باسم، فليقل هؤلاء ما شاؤوا من نقد له، أما أن يمسكوا بالسكين له، فهذا يعنى أنهم يعطون الفرصة للإخوان وكل مؤيدى مرسى أثناء حكمه بالقول: «إننا كنا على حق»، تلك ازدواجية تفقد مصداقية كل الذين يسيرون على هذا النهج الخاطئ.
يقودنا كل ذلك إلى القول بأن ما يقدمه باسم هو اختبار حقيقى لهذه المرحلة فى مساحة حرية التعبير، وهذا ما ذهبت إليه الصحف العالمية وأكدت عليه، وبالتالى فإنه إذا حدث مكروه لباسم وبرنامجه سيكون علامة إدانة كبيرة لهذه المرحلة، وانتصارا لمرحلة مرسى وإخوانه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة