فى 9 يونيو 2011 كتبت هذه السطور ونشرتها هنا فى المكان نفسه، وللأسف، أقول للأسف، تحولت سطورها من مجرد تحليل ورؤية للمستقبل إلى واقع تكتمل صورة تحققه فى يونيو 2013، أى بعد 24 شهرًا بالتمام والكمال.
وقتها كنت أتمنى أن تندرج رؤيتى للمستقبل تحت بند الكلام الخطأ، أو التشاؤم الفج، وقتها تمنيت لو أن أذهب إلى حيث توجد أذن كل مواطن مصرى، وألقى بداخلها ما كتبت من كلام، ولكن شيئا من هذا لم يحدث، ودارت الأيام، وأقر الواقع بصحة ما نشرته عن الخطة الحقيقية لتقسيم مصر.
كارهًا سأقوم بإعادة نشر ما كتبته عليك من قبل، مع الإشارة إلى حقك فى استبدال بعض المرادفات والأسماء بمعانى وأشخاص الحاضر الذى نعيشه، وحقك فى استبدال اسم ميدان مصطفى محمود برابعة العدوية، وميدان النهضة بميدان روكسى.. لتكتشف معى أن كل ما تغير فى التركيبة المعقدة التى سيطرت على المشهد المصرى بعد 25 يناير مجرد أسماء وملامح، ووجوه لم تتعلم أبدًا من تكرار أخطاء الماضى.. اتفضل اقرأ وشوف بنفسك: «أنت طبعا سمعت أو قرأت أو أفزعك أحدهم بأى كلام عن تلك الخطة التى اجتمع عدد من الأشرار داخل قبو مظلم يشربون الكثير من النبيذ، ويقهقهون، وترتفع وتنعقد حواجبهم الكثيفة وهم يضعون الخطة الشريرة لتقسيم مصر إلى ثلاث دويلات.. نوبية فى الجنوب، وأخرى مسيحية فى الصعيد، وثالثة إسلامية فى شرق البلاد.
الكلام السابق نشرته الصحف على لسان أحد شباب ائتلافات الثورة، والتى أصبحت أكثر من محال الكشرى، نقلا عن مصدر فى المجلس العسكرى، شارحا كيف أدرك هو وزملاؤه فى الائتلاف خطورة وضع مصر، والخطط الشريرة التى تدق على أبوابها.
الخطة الشريرة تنضم إلى خطط أخرى أكثر شرًا منها، مثل تنظيم البلطجة والعصابات، وألاعيب أجهزة المخابرات، والجوع القادم بسبب توقف عجلة الإنتاج، وغيرها من الفزاعات التى يتم استخدامها لإقناع الناس بالرضا بما هو مقسوم، وبلعبة تغيير الأسماء والوجوه التى حدثت بعد ثورة 25 يناير كبديل للتغيير الجذرى المفروض والمطلوب.
خطة التقسيم التى يتم الترويج لها حاليا دون تقديم أى إشارة أو دليل، تبدو كفزاعة جديدة لتثبيط الهمم، وشغل الناس عما هو أهم، وتتشابه فى روحها مع الفزاعات التى كان يستخدمها نظام مبارك لتبرير تأخره فى إجراء إصلاحات ديمقراطية وسياسية، بل تبدو مجرد تعديل أو تحوير لفزاعة نظام مبارك المسماة بالأمن القومى، ذلك المصطلح الفضفاض المطاط الذى كان يتم استخدامه كلما نادى أحدهم بإصلاح ما.
مفاجأتى لك بعد كل هذا الكلام هى: خطة التقسيم التى تبدو جنينا مشوها خرج من بطن نظرية المؤامرة موجودة فعلا، وتحدث بشكل منظم، ولكن ليس كما تم تحفيظها لشباب الائتلافات أو غيرهم.. خطة التقسيم الحقيقية التى يتم تنفيذها الآن تتعلق بتقسيم المصريين وليس مصر، تقسيمنا نحن إلى ثلاث دويلات، الأولى تضم الخائفين.. هؤلاء الذين نجحوا فى إخافتهم من البلطجة، والانفلات الأمنى، والجوع القادم، فخرجوا ينادون بأنه كفاية مظاهرات، ولنجلس فى بيوتنا، وندع أهل الحكم يتصرفون. والثانية دولة أصحاب المصالح.. هؤلاء المتحولون الذين أغرتهم المكاسب السريعة، فتركوا مواقعهم فوق الجبل وهرولوا نحو الغنائم.
أما الدولة الثالثة فهى للمحبطين.. هؤلاء الحالمون المحاصرون بالاتهامات والمصطلحات الشهيرة «مافيش فايدة، وليس فى الإمكان أبدع مما كان، والشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية، والصبر إنتم مستعجلين على إيه»، وغيرها من الكلمات التى أصبح استخدامها مكررا فى وسائل الإعلام، وعلى لسان السادة المسؤولين كلما وجدوا شبابا متحمسا أو جماعة أو تيارا سياسيا يضع خططا طموحة، ويطلب توقيتات زمنية، ووعودا صريحة بالتنفيذ. هذه هى الخطة الحقيقية لتقسيم مصر، تقسيمها بشريا وليس جغرافيا، وتقسيم البشر- لو تعلمون- أقسى وأخطر، لأن معه تبدأ حرب جديدة من الكراهية والتخوين، حرب بدأت نارها حينما جعلت كل فئة فى مصر لنفسها ميدانا هو الأطهر والأشرف من غيره، أصحاب المصالح فى مصطفى محمود، والخائفون فى روكسى وأمام المنصة، والمحبطون فى التحرير، ومن كل ميدان تنطلق مدافع الكراهية والتخوين، واحتكار مصلحة وحب الوطن، صوب الميدان الآخر، دون أن يعلم أحد أن تلك الدانات والقذائف تنزل على رأس الوطن بالخراب».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة