أكرم القصاص

الذين يخجلون من ميكافيلى

السبت، 05 أكتوبر 2013 07:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سوف يحدثك السياسيون والمرشحون عن الأخلاق وضرورة الالتزام بالأخلاق، ولن تجد سياسيًا يتبنى الخداع أو يعترف بأنه كان قذرًا مع خصومه، لكن الحديث شىء والفعل شىء آخر، ففى السياسة الأخلاق نسبية، والخداع أحد أسس المنافسة فى السياسة وغيرها. وكلما ذكر ميكافيلى سوف تجد السياسيين يهاجمون نظريته عن الغاية التى تبرر الوسيلة، لكنهم فى الواقع يذاكرون هذه القواعد، بل يحفظونها عن ظهر قلب. وهناك من السياسيين من يخجل ميكافيلى من تصرفاته. لأن ميكافيلى كان يقدم نصائحه للأمير، من أجل أن ينجح فى الحكم ويقيم العدالة، لكنه لم يخترع الخسة والنذالة، بل كان يكشفها ويواجه كل من يزعم غير ذلك بالحقيقة.
والنذالة السياسية هنا نسبية، بل وكثيرًا ما تكون مزدوجة، ولعل أكثر الدول حديثًا عن الأخلاق والقيم هى الولايات المتحدة الأمريكية التى لم تكف يومًا عن الأحاديث فى الأخلاق، بينما كانت تشن حروبها وتقتل المدنيين فى فيتنام وتحرقهم، وقريبًا لا تزال فى الذاكرة حروب فى أفغانستان والعراق، بل إن أمريكا كانت دائمًا تدعم الأنظمة الاستبدادية العربية حرصًا على مصالحها. وبالتالى فهم لم يكونوا أخلاقيين مع مبارك ولا مع الإخوان، والرهان عليهم كان فاشلًا لأن المصالح تحركهم فى كل حال. ولهذا تبدو السذاجة فى خطاب بعض الإخوان اليوم ممن يطالبون الإدارة الأمريكية بأن تكون أخلاقية، وهم أول من يعرف أن الأخلاق دانت دائمًا عنوانًا بلا موضوع.
وهناك مقولة لاقتصادى شهير تقول: «إن المنافسة تعطينا أفضل منتجات وأسوأ البشر».
وتكشف لنا المعلومات المتوفرة عن المرحلة الانتقالية لحكم المجلس العسكرى، كيف كانت الأحزاب والجماعات تعمل لمصالحها، وتبرر وسائلها، وكيف دعم الإخوان المجلس العسكرى وأيدوا الإعلان الدستورى، لأنهم كانوا يسعون للفوز بمقاعد، وكيف واجهوا كل من عارض الفوضى السياسية والفشل السياسى فى إدارة المرحلة، وكيف تخلوا عن عهودهم لحلفائهم أثناء انتخابات الرئاسة، وكانوا يقدمون تبريرًا لخطواتهم. وما زالوا. لكنهم وقعوا فى أخطاء منهجية عندما دخلوا فى حروب متوالية فى وقت واحد. وسارعوا بإعلان التخلى عن الحلفاء. ولم يكن العيب فى هذا لكن فى خلط السياسة بالعقيدة، ومحاولة إلباس السياسة بكل نذالتها وعنفها، ثوبًا خاليًا من البقع. لكن الخطر دائمًا أن من يعمل بالسياسة عليه أن يخفى نيته، لكنهم فشلوا فى إخفاء النوايا، وتعجلوا فى التهام سلطة كان سقوطها أيام مبارك بسبب الاحتكار. وربما عليهم أن يتعلموا الدرس، بدلًا من الإصرار على ترويج كلام فى العلن غير ما هو فى الحقيقة. واللوم ليس على الخداع لكن على الغباء والفشل.
ونفس الأمر ينطبق عن الوضع الآن، حيث تدور خلف الكواليس اتصالات ورغبات، تؤكد أن المعلن غير الخفى، وأن قمة جبل الجليد تخفى تحتها التفاصيل والمساعى والاتصالات المباشرة وغير المباشرة. التى تكشف عن تفضيل بعض التيارات السياسية للمعارك الفرعية، أو خلق معارك وهمية، بينما أطراف أخرى تسعى للفوز فى منافسة قادمة لا محالة. وبصرف النظر عن الأخلاق أو الخداع، فإن السياسة لا تتحمل انفرادًا من شخص أو تيار. حتى لو كان يخجل من ميكافيلى فى العلن، ويسير على نصائحه دائمًا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة