حققت جماعة الإخوان انتصارا تاريخيا وجغرافيا ووطنيا ضخما فى الذكرى الأربعين لانتصار أكتوبر 1973، وحسب ما هو معروف وشائع فى التاريخ، فإن المصريين انتصروا على إسرائيل فى السادس من أكتوبر، ويومها لم يكن أحد يفرق بين مسلم ومسيحى ولا صعيدى وبحيرى، بما يعنى أن الاحتفال بهذا النصر من حق كل المصريين.
فلما جاء العيد الأربعون فضلت جماعة الإخوان أن تحتفل بطريقة تختلف عن المصريين ليثبتوا بالدليل القاطع أنهم ينتمون لعالم آخر يختلف عن عالم المصريين بأفراحهم وأحزانهم، وجدنا الجماعة تقرر مواجهة الاحتفال بتظاهرات يرفعون فيها الأحذية، ويؤكدون أنهم مختلفون ويحتفلون مع قناة الجزيرة بما حققوه من انتصارات هائلة على المصريين، وقدرتهم على عكننة وتنغيص الاحتفالات.
وطبعا سوف يردون بأنهم خرجوا يدافعون عن الشرعية.. ماشى، فمن هو العبقرى الذى أشار عليهم أن يفعلوا ذلك فى مواجهة مصريين خرجوا يحتفلون، ثم إنهم يواصلون حالة الإنكار للشعب طوال فترة حكم مرسى وجماعتهم، ويصرون على أن يكونوا وحدهم فى مواجهة الشعب، ومن الواضح أن لديهم مشكلة مع تواريخ مصر، ومع ذكرى أكتوبر، والدليل أن الدكتور محمد مرسى العام الماضى قدم أغرب وأكثر الاحتفالات إثارة للدهشة فى التاريخ، عندما اختار استاد «ناصر» وتم حشد عشرات الآلاف من جماعة الإخوان وأنصارها وملحقاتها وحلفائها وتم الاحتفال بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر بقرار الرئيس السادات، وفى صدارة الحضور من ساهموا فى اغتيال الرئيس السادات، حضر طارق الزمر وعبود الزمر وعاصم عبدالماجد، ولم تتم دعوة أى من قيادات القوات المسلحة، وتحول الاحتفال إلى مباراة فى التصفيق لكرسى والجماعة، وفى غياب حتى أسرة السادات.
ولم يكن هناك مكان أو مجال لمشجعى أى فريق آخر، كان الحضور هم المشجعون المؤكدون، والمسؤولون وشاغلو المناصب، الذين يدينون بالولاء، كان الدكتور مرسى يؤكد نجاح برنامج الـ100 يوم، ويتجاهل المعارضة والغضب.
كان واضحا أن الجماعة تعلن نفسها خارج الشعب وبعيدا عنه، ولو عدنا لتاريخهم لوجدنا هذا جزءا من تفكير نظرى وعملى، يقنع عضو الجماعة أنهم أفضل وأكثر إيمانا وفهما وعبقرية، وبفضل هذه العبقرية غرقوا وأغرقوا البلد معهم، وظلوا يقدمون حججا وشماعات يعلقون عليها فشلهم، واليوم فى مواجهة حدث تاريخى، لا علاقة له بخلافات أو اختلافات يقفون بأحذيتهم، بينما أى فصيل يسعى من تظاهرة لكسب تعاطف الشعب، لكنهم يعكننون على الشعب الذى لا يخصهم.
قلنا من قبل إنه لو كان هناك عدو لجماعة الإخوان والدكتور مرسى ما استطاع أن ينصحهم بأكثر مما فعلوا مع أنفسهم وغيرهم.. فهل كان هذا مقصودا لتدمير الجماعة، أم أنه نتاج شيخوخة العمر والعقل لقيادات التنظيم، ورفض الاعتراف بالواقع؟ سوف يحتفظ المراقبون بالدهشة من الكيفية التى تحولت بها الجماعة إلى هذه الصورة، فى السلطة وخلال عام واحد تصادموا مع الداخل بتنويعاته السياسية والمؤسسية، ومزقوا العلاقات مع دول عربية وأفريقية، وبعد أن خرجوا مثلما خرج مبارك، واصلوا العداء للشعب وليس للسلطة، ومازالوا يمارسون عبقرية الفناء. ويضعون أهدافا فى أنفسهم، وهم يقدمون «جيتو» يفصل نفسه عن الشعب، ويقنعون أنفسهم أنهم انتصروا.