شتان الفارق بين خطاب المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية فى ذكرى انتصار أكتوبر الحالى، وخطاب الرئيس المعزول محمد مرسى فى نفس الذكرى العام السابق، هو فارق بين زمنين وثقافتين وعقلين وشخصيتين، وحاكمين. الأول يعكس صورة رجل الدولة الحقيقى الواعى والمثقف والمتزن والمدرك لدوره كرئيس لدولة بحجم مصر، يتحدث عن حاضرها ومستقبلها بثقة ووضوح، وبكلمات دالة وعبارات محددة وصياغات راقية. والثانى كان لرجل هو مجرد رئيس «عصابة» أو جماعة تفاجأت بالسلطة وأبهة الحكم وهى غير مؤهلة لها ولديها أجندة سياسية غير وطنية عبر عنها رئيسها بعصبية واضحة وتشنج وبشخصنة غريبة وبمفردات بعيدة تمامًا عن الذوق واللياقة والبروتوكول الرئاسى للدولة المتحضرة.
من الظلم أن نضع خطاب الرئيس عدلى منصور فى ذكرى أكتوبر الـ40 فى مقارنة مع خطاب «الأصابع اللى بتلعب» و«الحارة المزنوقة» و«القرد والقرداتى». وكلما تحدث منصور تذكر المصريون ضآلة هذا الشىء الذى كان يحكم مصر لمدة عام كامل، وأدبياته التى كانت تعكس أخلاقيات من تربى على فكرة المؤامرة الكونية، والسمع والطاعة، وبث الفتنة.
خطاب الذكرى الـ40 لنصر أكتوبر المجيد جاء كرسالة أمل فى المستقبل بإعلان الرئيس عن مشروع الحلم النووى فى الأغراض السلمية الذى طال انتظاره بعد أن أجهضته طوال الثلاثين عامًا الماضية الضغوط الخارجية من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، مع غياب الإرادة السياسية فى امتلاك الحلم المشروع، وغياب القيادة الوطنية التى تخطط للمستقبل.
الحلم النووى وتنمية قناة السويس هما المشروع القومى الحقيقى الآن لمصر المستقبل فى الداخل، فقد انتهز الرئيس عدلى منصور بذكاء رجل الدولة، ورجل العدالة، مناسبة انتصار أكتوبر، واستلهام إبداعها وروحها وتضحيات أبطالها فى الإعلان عن البدء فى تنفيذ المشروعين بنوايا وطنية صادقة، وبدراسات جدوى حقيقية لتوحيد المصريين حول أهداف قومية فى طريق البناء والتنمية، لوطن يستحق أن يكون حاضرًا بين الأمم الكبرى.
الرئيس منصور يعبر فى خطابه الأخير وخطاباته السابقة عن مصر الجديدة بعد 30 يونيو التى تمتلك إرادتها الحرة التى لا تنكسر، وإرادة شعبها التى حطمت كل الأوهام فى طريقها نحو المستقبل.