فى العصر الحديث لا نمتلك إلا القليل لنفتخر به أمام العالم.لذلك كلما تلعثمنا فى الإجابة عن ندرة اسهاماتنا الحضارية أو العلمية أو حتى الفكرية. نرمى ببلادتنا على الماضى السحيق فنضحك بنفس مكسورة ونستحضر بسرعة حصص التاريخ ونحكى عن مينا واخناتون وخوفو ورمسيس أو نتكلم عن مصر الرومانية والفارسية والإسلامية وإسهاماتها العلمية والفكرية. (وهات يا كلام جد على حكاوى جخ) حتى نتأكد أن محدثينا اقتنعوا بأننا أولاد ذوات نكتفى بما تركه أجدادنا العظماء ولا نساهم فى الحضارة الإنسانية إلا بأننا نأكل ونشرب وننام ونتزاوج.ورغم سخافة هذه الأفكار فيا ليتها كانت تدوم فقد انتقلنا من صناعة التاريخ إلى تخريبه ومن الافتخار به إلى تحطيمه.
فنكتشف كل يوم المئات والمئات من القطع الأثرية المهربة إلى أوربا وأمريكا وآخرهم خمسمائة قطعة يباعوا الآن فى مزاد علنى فى باريس وقبلهم مئات القطع التى انتقلت بقدرة العفاريت إلى متحف الحضارة الإسلامية بقطر وأصبح نهب الآثار شغل الجميع فى مصر بداية بالمتخصصين وانتهاء بالفلاحين.
بل أن تجارة الآثار الآن أصبحت أشبه بتجارة (الموبايلات المسروقة) أى عيل أهبل بيتكلم فيها فأى تشويه للتاريخ أكثر من ذلك.
حتى تظاهراتنا وخلافاتنا السياسية أصبحت خطر على تاريخنا فلا مانع من حرق المجمع العلمى وإشعال النار فى محتوياته أو اقتحام المتاحف وتكسير مقتنياتها أو حرق الكنائس الأثرية وطمس معالمها أو تكسير رؤوس التماثيل وتشويهها حتى تمثال نهضة مصر لم يسلم من الإيذاء فعن أى تاريخ نتفاخر ونحن نفعل فيه كل ذلك.
واليوم 6 أكتوبر أعظم تواريخنا الحديثة, نجلس فى بيوتنا محاصرين مهددين بحرب أهلية بعد أن تحول إلى يوم الفرقان ويوم الانتقام، فبدلا من أن نعلم أولادنا معانى الاتحاد والشجاعة والتضحية نعلمهم الانقسام والعداء والكراهية.
فهل استشهد أجدادنا وصنعوا هذا النصر كى نشوهه بتلك الغباوة ولماذا لا تختار الجماعة يوم آخر للفرقان أو الخبلان بدلا من تشويه تاريخ عظيم يجب أن يعيش فى وجدان أولادنا. أم أننا فشلنا فى صناعة المستقبل فقررنا تشويه التاريخ؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة