أكرم القصاص

نشطاء العالم السفلى

الأربعاء، 09 أكتوبر 2013 07:13 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا انفتح باب المزايدات لن يغلق، وسوف تمتد شراراته لأطراف مختلفة، ومن يتهم غيره اليوم بالعمالة والخيانة، سوف يتذوق من نفس الكأس اليوم أو غدا، وقد رأينا خلال عامين ونصف، كيف تحول الرفقاء إلى خصوم، والمتنافسون إلى أعداء، وكيف غيرت السياسة من علاقات حميمية، وكيف أطاحت بنجوم وأخرجت غيرهم.
وتصور بعض نجوم المرحلة، أنهم يمكنهم أن يسجلوا التاريخ ويضع كل منهم نفسه فى مكانة تليق بكفاحه، حتى لو لم يكن معروفا من قبل.
وربما لايكون عيبا أن يكون الشخص مجهولا، أو أنه لم يكن مهتما بالسياسة قبل يناير، أو أنه التحق بالعمل من باب الفيس بوك وتويتر، لكن العيب فى تحويل هذه المحاولات البسيطة إلى تاريخ عريض، حتى لو كان يخلو من الإثارة، بينما الصورة الحقيقية التى يفترض أن تتكون بأكثر من كاميرا، اختفت لصالح صور فردية وشخصية، ورغبة فى احتلال أوسع مكان فى الثورة.
وقد شهدنا خلال عامين ونصف شهادات وحكايات كان رواتها آحادا، بعضهم شارك فى جزء من حدث، والبعض شارك فى جزء آخر، وكل طرف يقدم الحكاية بعد أن ينزع منها الآخرين، ويضع نفسه فى برواز الثورة وحده، واحتل الصورة هؤلاء الذين احترفوا الفضائيات، وسجلوا أكبر نسبة ظهور، بينما احتفى أبطال وشهداء، لمجرد أن أحدا لم يهتم بتسجيل سيرتهم أو أدوارهم. والدليل أن أغلب هؤلاء الذين ظهروا وهم يواجهون الأمن أو يتصدون لإنقاذ زملائهم، اختفوا وحل محلهم ذوو الياقات الثورية البيضاء، ممن كانوا يتصورون فى الميدان، ويسارعون للحديث فى الفضائيات، ونجت نجوميتهم فى دفعهم بقصور ذاتى إلى صدارة الصورة. لكنهم لم يقنعوا أو يتواضعوا، وعين كل منهم نفسه ممثلا وحيدا للشعب. ومن أجل ذلك يبذل كل جهده للإطاحة بأى منافسة وإزالة أى نجم آخر.
ويمكن بسهولة اكتشاف العدوى فى بوستات وتعليقات تسند كل فعل لأجهزة داخلية أو خارجية، وتفسر كل تحرك على أنه قطعة من مؤامرة، كبرى، لافرق هنا بين متعلم وجاهل، أو ناشط وكسول، فالكل فى هذا العالم سواء، والنتيجة أن الثورة أصبحت مجالا لعالم سفلى من التفسيرات والتحليلات، التى تلد ثورات مضادة ومؤامرات. تخفى أى سعى لفهم مايجرى فى ضوء الواقع.
ومع كل خطوة وكل حدث وصدام، كانت المواقف تختلف، وتتوزع بين مؤيد ومعارض، لكن الخلاف كان يتحول إلى اتهامات، توزعت بين اتهامات بالعمالة للأمن، أو الخارج، وعلى الأقل التعاون مع الثورة المضادة. وهى اتهامات توسعت بين رفقاء الميدان، لدرجة أنه أصبح من الصعب وجود شخص لم تلوثه الاتهامات، ولم يكن هذا بفعل السلطة، وإنما بفعل النشطاء أنفسهم، الذين استعذب بعضهم إدانة الآخرين، وتوسع فيه من دون أن يدرك أن الإساءة ستصل إليه آجلا أو عاجلا.
وخلال هذا الصراع السفلى والاتهامات، والاتهامات المضادة، أصبح أسهل مايمكن الحصول عليه، هو التخوين والاتهامات بالعمالة، بينما الأبرياء حيارى، تائهون، يتحسرون على صور نجوم المرحلة وهى تتحطم على صخرة الانتهازية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة