أكتب إليكم هذه السطور بعد عودتى من وارسو، حيث كان انعقاد مؤتمر وارسو للحوار الديمقراطى تحت رعاية وزارة الخارجية البولندية، ومع منظمات المجتمع المدنى البولندية والأوروبية، وباستضافة ممثلين عن المجتمع المدنى ونشطاء سياسيين وحقوقيين وبرلمانيين من مختلف دول العالم.. وكان المؤتمر يناقش ثلاثة محاور أساسية: العدالة الانتقالية، واستخدام الإعلام الحديث للتغيير الديمقراطى، وحقوق المرأة ودعم مشاركتها الحقيقية فى التحول الديمقراطى.. وكما ذكرت على حسابى على موقع التواصل الاجتماعى منذ أيام قليلة، أن الدعوة وبرنامج المؤتمر أرسل لى متضمنا اثنين من المتحدثات المصريات، كنت أنا إحداهن فى جلسة الإعلام الحديث، وكانت الزميلة ياسمين فيصل هى الأخرى فى جلسة مشاركة المرأة، وعند وصولنا إلى مطار القاهرة فوجئنا بوجود مجموعة من البرلمانيين المصريين السابقين «إخوان وسلفيين ومدنيين وأقباط» مشاركين فى نفس المؤتمر ويستقلون نفس الطائرة، وفوجئنا أيضا أن لهم جدول أعمال مختلفا عن جدول أعمالنا، وأن لهم لقاء على هامش المؤتمر حضر فيه ممثلون عن الحكومة البولندية وعن السفارة المصرية!
فى البداية كنا لا نفهم سبب هذه الجلسات المنفصلة، وما يناقش ويقال فيها، لأننا لم نكن طرفا ولم ندع أساسا للحضور، ولكن عندما أثير الموضوع فى الإعلام وعلى صفحات التواصل الاجتماعى تم التوضيح من السادة البرلمانيين السابقين الذين حضروا الجلسات بأن هذه الجلسات كانت تدور حول محورين أولهما: كان حول الحوار بين الأديان المختلفة، والمحور الثانى: هو نقل التجربة البولندية فى التحول الديمقراطى إلى المصريين الذين حضروا هذا اللقاء، وقد أوضح المحور الأخير الكثير من علامات الاستفهام التى كانت تدور حول تلك اللقاءات، وخصوصا أن من ضمن البرلمانيين من ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين والمتمثلين فى حزب الحرية والعدالة، وبقيت علامة استفهام واحدة، وهى لماذا لم يدع الوفد المصرى كله سواء كانوا برلمانيين سابقين أو شبابا أو صحفيين إلى مثل هذه الجلسات الجانبية على هامش المؤتمر؟ وهل هذا سوء تنظيم من المنظمين لم يتم تداركه أو أن هناك شيئا آخر غير واضح؟
وهناك نقاط لابد من توضيحها، وهو أن جماعة الإخوان المسلمين تستطيع أن تجلس وتتحاور وتقبل دعوات من السفارات المصرية خارج مصر، التى هى جزء لا يتجزأ من الحكومة المصرية الحالية، والتى يطلق عليها الإخوان «حكومة الانقلاب».. إذن هى حكومة انقلاب بالداخل فقط..يرفضون كل مبادرات النقاش داخل مصر، ولكن خارجها يكون الأمر مختلفا تماما! أتريدون يا تنظيم الإخوان ارتداء قناع المتحاورين السلميين فقط خارج مصر وتصدرون صورة للغرب لتضمنوا مساندتهم لكم فقط.. وفى الداخل تمارسون الإرهاب بكل صوره؟ والأمر الثانى: لماذا تساعدهم القوى المدنية والحكومة المصرية ممثلة فى السفارة المصرية فى بولندا فى فرض هذا القناع المزيف الذى يصدرونه للغرب؟ هل السفارات المصرية بالخارج لا ترى أن تنظيم الإخوان جماعة إرهابية؟ هل لديه استعداد لاستضافة جزء من تنظيم الإخوان الذين لم يتورطوا فى قتل وإرهاب المصريين؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا لم توضح ذلك الحكومة المصرية والسفارات المصرية؟.
إن مداخلة ممثلى الإخوان فى مؤتمر وارسو تناولت أن محمد مرسى مخطوف من قبل حكومة الانقلاب، وأن رابعة رمز الصمود ستظل تناضل ضد حكومة الانقلاب، وأن فترة حكم مرسى كانت من أزهى فترات الحرية فى مصر.. إذن فأين هى نقاط التلاقى التى ستبدأون بها الحوار معهم؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة