تدهشك الشارقة تلك الإمارة العربية الباسمة، بطابعها العربى والإسلامى وتفاجئك فى كل مرة تزورها بكل ما هو جديد لديها، فقد اختارت لنفسها منذ البداية طريق العلم والمعرفة والثقافة وأن تكون الإمارة الحاضنة للثقافة العربية والمثقفين العرب، وعلى الرغم من أنه كان طريقا صعبا، إلا أنها نجحت واستطاعت مواجهة التحدى فى واقع إقليمى وعالمى لم يعد يقيم للكلمة المقروءة وزنا كبيرا، وتراجعت ثقافة اقتناء الكتاب إلى مؤخرة أولوياته.
سر الاندهاش من الشارقة يكمن فى حاكمها الشيخ سلطان بن محمد القاسمى ذلك الرجل الذى يمثل النموذج الفريد الذى يمزج بين الحاكم والمثقف فى شخص واحد، فهذا النوع من الحكام الذى يعتنق العلم والمعرفة هوى وهوية ويعشق الثقافة والفن والأدب كعشقه لوطنه العربى الكبير. وأظن لولاه ما كانت الشارقة عاصمة للثقافة العربية ثم اختيارها أيضا العام القادم عاصمة للثقافة الإسلامية، فقد اهتم الرجل منذ توليه مقاليد الحكم بالإمارة عام 72 بالتنمية الثقافية وببناء الإنسان العربى، فتحولت الشارقة إلى منارة إشعاع للثقافة العربية، فهو يشرف شخصيا على أمور العلم والتعليم والبحث العلمى ليس فى الإمارة فقط وإنما فى عدد من الدول العربية والدولية وخاصة مصر - عشقه الخاص - وأصبح معرض الشارقة الدولى للكتاب الذى تأسس عام 82 واحدا من أهم المعارض الدولية فى العالم ويصنف حاليا الرابع عالميا من حيث دور النشر والعناوين والزائرين، رافعا شعار «فى حب الكلمة المقروءة».
لا مجال هنا للمقارنة بين معرض الشارقة ومعرض القاهرة للكتاب، فبقدر الفرح والسعادة من التواجد المصرى فى معرض الشارقة فى دورته الحالية، وبقدر دهشتنا من التنظيم الرائع للقائمين على المعرض ومشاركة أكثر من 53 دولة و1010 دور نشر، بقدر الحزن على معرض القاهرة أقدم المعارض العربية للكتاب – تأسس عام 69 -.
لكن ما بين الإمارات ومصر والشارقة والقاهرة الكثير، ويمر عبر جسور المحبة والعشق لمصر والمصريين، وإنجازات الإمارات وانشغالها بالنهضة العمرانية والحضارية منذ تأسيس الدولة عام 1972 لم يحُل دون أياديها البيضاء دائما على مصر وشعبها منذ الأب المؤسس المرحوم الشيخ زايد ومن بعده أبناؤه ووصولا إلى الشيخ سلطان القاسمى الذى تسكنه مصر بتاريخها وحضارتها.
فى ديسمبر القادم يزور الشيخ سلطان القاهرة لافتتاح مشروع دار الوثائق القومية بعين الصيرة والذى تكفل ببنائه. فمرحبا به ضيفا عزيزا كريما على وطنه الثانى مصر.