كنا نظن أن مسألة بقاء مجلس الشورى من عدمه قد تم حسمها فى لجنة الخمسين التى صوتت لصالح إلغاء هذا المجلس، غير أن المفاجأة جاءت فى مماحكات من بعض أعضاء اللجنة لفرض القضية من جديد، وعددوا فى ذلك مزاياه وكأنهم فى بلد آخر غير مصر.
لم يترك مجلس الشورى سيرة عطرة، منذ أن أسسه الرئيس الراحل أنور السادات فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى، واشتهر بأنه مجلس المركونين على الرف، الذين يجاملهم النظام من رجاله حتى لا يكونوا شوكة أمام مرشحى الحزب الوطنى الحاكم، بالإضافة إلى سياساته مع أحزاب المعارضة المستأنسة التى كان يمنحها عدة مقاعد لزوم المتاجرة بالديمقراطية، وأدى كل ذلك إلى أن يكون مجلساً بلا أنياب، وبلا شعبية، وتلك كانت قناعة المصرين الذين ترجموها فى كل انتخابات لـ«الشورى»، فلم يتعد حجم التصويت الحقيقى له أثناء زمن مبارك أكثر من %2.
وإلى جانب قناعة المصريين بعدم أهمية هذا المجلس، فإن ضعف التصويت له كان يعود فى زمن مبارك إلى أن الناخبين كانوا يعرفون مسبقًا نتيجته التى تأتى بالتزوير، غير أنه لو كانت هناك سيرة طيبة تسبقه لتغير سلوك المصريين نحوه بعد ثورة 25 يناير، لكن بقى الحال كما هو، حيث بلغ عدد الناخبين %7 فقط من إجمالى الناخبين (52 مليون ناخب) فى الانتخابات الوحيدة التى جرت له بعد الثورة، مما يدل على أنه رغم سقوط نظام مبارك برائحته الكريهة فى تزوير الانتخابات، فإن الناخب ظل على عهده فى فقد الثقة بهذا المجلس.
يتحدث فريق التأييد فى لجنة الخمسين لبقاء «الشورى» عن جوانب فنية فى التصويت، غير أنهم يغفلون أهم ما فى القضية، وهو أن هذا الموضوع تحديدا ينظر إليه المصريون كنقطة اختبار حقيقية فى مدى جدية هذه اللجنة، ومسؤوليتها فى إنجاز دستور عصرى يليق بمصر بعد ثورة 25 يناير، وحين تم التصويت بإلغاء «الشورى»، استعادت «اللجنة» ثقة المصريين فيها، ولو خضعت «اللجنة» لابتزاز بعض الأعضاء فى مطلبهم بإعادة التصويت، ستكون ارتكبت إثما عظيما، وسينظر إليها المصريون على أنها لا تقدم جديداً، وشأنها فى ذلك شأن من سبقها.
يتحصن البعض بالقول بـأن هناك العديد من الدول الديمقراطية تتخذ أسلوب الغرفتين فى الحياة البرلمانية، غير أن هذا القول مردود عليه بأن تجارب الغير لا تلزمنا، كما أن هذا الأسلوب لا تتبعه تجارب ديمقراطية أخرى عتيقة، وهو ما يستدعى بأنه لو كان من الأخذ به ضرورة ما، فلنتمهل فيه الآن، ونترك الديمقراطية تأخذ مجراها الحقيقى، وبعدها يمكن المناقشة حول ما إذا كانت ديمقراطيتنا تحتاجه أم لا، أضف إلى ذلك أن القول ببقائه يعطى الفرصة لتوسيع رقعة الاستفادة من الكوادر التى لا تستطيع المنافسة فى الانتخابات البرلمانية، مردود عليه بأن هناك مؤسسات أخرى موجودة يمكن أن تحقق نفس هذا الغرض.
لا يمكن بين ليلة وضحاها، أن نكتشف أن مجلس الشورى كان يعيش بيننا دون أن ندرى قيمته، ولا يمكن فى نفس الوقت أن نتحدث عن الحكمة بأثر رجعى، والقول بأن وجود هذا المجلس يساهم فى تنشيط الحياة الحزبية، هو قول مغلوط، لأن تنشيطها يتوقف على عوامل أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
واحد شاي في الخمسين
عدد الردود 0
بواسطة:
صقر قريش
لم ترتقي لجنه الخمسين لمستوي الثوره ولا للمستوي الحضاري اليوم اللائق بمصر....اسلاميه عوده
عدد الردود 0
بواسطة:
صقر قريش
دشتور الكوميديا الدراميه...الماده الثانيه دوله دينيه والدينيه تعتمد علي المعتقدات..و الخزع
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
البحث عن زعيم
عدد الردود 0
بواسطة:
صقر قريش
ما لا يفهمه عمر موسي...لا ينتظر الشباب من عواجيز الفرح والفاشيه السلفيه الخير بالدستور
عدد الردود 0
بواسطة:
صقر قريش
لماذا انضم السلفيين للجنه الخمسين وكانوا خارج ثوره 30 يونيو ...لن يكون اذن دستور ثوره
عدد الردود 0
بواسطة:
صقر قريش
تحيه لخالد الشيخ....ومن قبله استاذنا الفاضل الشحات
رائعه من الروائع
عدد الردود 0
بواسطة:
مشاكس
4- لأ زعيم الإ مرسى .. نيلسون مانديلا العرب ..
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
أتفق تماما مع ما كتبه صاحب التعليق رقم 8 وأقول له .. ماتت الضمائر
عدد الردود 0
بواسطة:
صقر قريش
اذا كان الاقباط يمثلون 10 بالمائه فمن حقهم كوته 10 بالمائه والا فان الدين ليس لله بل للسلف
كفايه بقي عنصريه وقرف
ما كان لله اتركوه لله