فى واحدة من الخطابات التى ألقاها الرئيس الراحل أنور السادات بعد انتصارات أكتوبر عام 1973، وبالرغم من أننى كنت طفلًا وقتها، فإننى مازلت أتذكره وهو يعدد مواقف الدول التى وقفت إلى جوار مصر أثناء الحرب، وخصّ السعودية والإمارات والجزائر والعراق وليبيا وباقى الدول العربية، إلا أن ما قاله عن الاتحاد السوفيتى مازلت أتذكره: «الاتحاد السوفيتى وقف وقفة الصديق مع الصديق، تعرفوا الفلاحين عندنا لما بيحصل عند واحد حالة وفاة تلاقى جاره بيخرج صوانى الأكل للمعزين، هو كده الاتحاد السوفيتى خرج لنا الصوانى». وذكر السادات أسماء قادة الاتحاد السوفيتى، بودجرنى الرئيس، وكوسيجين رئيس الوزراء، وبريجنيف سكرتير الحزب الشيوعى.
قال السادات ذلك بالرغم من أنه كان قد طرد الخبراء السوفيت فى مشهد مهين قبل الحرب بنحو عام، وبعد الحرب تحول نهائيًا إلى أمريكا بنظرية «أوراق اللعبة فى إيد أمريكا بنسبة %99.9»، وأعطى لأمريكا أسرار بعض الأسلحة السوفيتية التى حاربنا بها إسرائيل، وأصبح السلاح الأمريكى هو عمادنا الرئيسى فى وقت تعتمد عليه إسرائيل أيضًا، وبالطبع فإن ما تحصل عليه إسرائيل يفوق فى قيمته وقدراته ما تحصل عليه مصر، وهذا يصب فى المصلحة الإسرائيلية.
أصبح الصديق القديم بفضل سياسات السادات وبعده مبارك عدوًا، بالرغم من مواقفه الداعمة لمصر فى بناء السد العالى، وتشييد قلاع الصناعة المصرية أثناء فترة جمال عبدالناصر، ولعل مصنع الحديد والصلب شاهد على ذلك، ومئات المصانع الأخرى التى تكالبت عليها خصخصة مبارك ببيعها فى سوق النخاسة. كما أدى الاتحاد السوفيتى دوره الرائد فى تسليح الجيش المصرى، وبناء حائط صد الصواريخ أثناء حرب الاستنزاف «حرب جمال عبدالناصر»، والذى أمّن تمامًا سماء مصر ضد الغارات الجوية الإسرائيلية، والحصاد كان انتصار مصر فى حربى الاستنزاف وأكتوبر 1973.
أقول ذلك بمناسبة زيارة وزيرى الخارجية والدفاع الروسيين، والأنباء عن التمهيد لزيارة الرئيس الروسى بوتين إلى مصر، ويأتى كل ذلك فى أجواء تسعى مصر فيها إلى إعادة اكتشاف ذاتها.. صحيح أن الأوضاع لم تكن كما كانت، فلم يعد الاتحاد السوفيتى موجودًا لكن روسيا ورثته، ولم تعد مصر كما كانت فى الخمسينيات والستينيات، وتغير النظامان الدولى والإقليمى، لكننا، وبعد أن ساقتنا سياسات خاطئة أدت بمصر لدولة تابعة للسياسة الأمريكية، ها هى الفرصة تجىء لكى تعدل مصر من نهج التبعية التى أورثتنا ذلًا وتخلفًا.
قد يرى البعض أن مصر المنهكة اقتصاديًا وسياسيًا لا تستطيع أن تقول لا للصديق الأمريكى، وبالتالى فإن التوجه شرقًا للصديقين الروسى والصينى قد تلعب السياسة الأمريكية لعبتها لإجهاضه، لكن الإرادة الوطنية بمقدورها أن تلعب لعبتها، وتفرض على الآخرين ما تريده مصر لمصلحتها الخاصة.
ولعل اعتدال مزاج السياسة الأمريكية نحو ثورة 30 يونيو، وزيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إلى مصر قبل أيام، كانا من إفرازات اللعب بالورقة الروسية، وشعور أمريكا بأن هناك شيئًا ما يحدث فى مصر، شيئًا يأتى من صلف السياسة الأمريكية، وجهلها بإرادة الشعب المصرى فى 30 يونيو.. ولا يوجد أمام مصر من بدائل غير إعادة ترتيب بيتها الذى خرب من التبعية لأمريكا، وضِمن إعادة الترتيب التوجه شرقًا وغربًا على قدم المساواة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
وهل يتساوى الروس بالأمريكان ؟!!!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
مشاكس
من ملفات صلاح نصر ؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
☜ راجعـين لروســيا ☞
و تانى تانى تانى راجعـين للفـقــر تانى
عدد الردود 0
بواسطة:
الأصلع رب السيف والقلم
وماذا فعلت روسيا لسوريا .. هل ساعدتها فى تحرير الجولان منذ 40 عاما ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أبطال ضد الجنرال
جواز فؤادة من عتريس ... - فيلم الموسم : "أرملة لرجل حى "
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
للحقيقة والتاريخ
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
الى رقم 5
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية بجد
تعليق رقم 7
دايما كلامك فيه سم قاتل !! ربنا يكفينا شرك .
عدد الردود 0
بواسطة:
ماجد
اخواننا البعادا شغالين الله ينور وناسيين ان باترسون كانت كل يوم في بيت خيرت الشاطر
أقول لكم : اللي خدته القرعه تاخدة أم الشعور
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohamed Italy
الدب الروووووسي هاهاهها