البلد دى بقت أوفر أوفر أوفر، وكلمة أوفر مبدئياً هى كلمة إنجليزية تعنى زيادة أو أكثر يعنى حضرت تقول بالإنجليزى أوفر كذا يعنى أكثر من كذا أو فوق كذا.. ولأننا فى زمن العولمة يعنى دخول اللغات والحاجات على بعض فقد استلف المصريون هذه الكلمة كما استلفوا كلمات أخرى ليضيفوها إلى لغتهم كما هى ويستخدموها بطريقتهم الخاصة، بل إنهم حولوا الكلمة إلى أصل وصفة يعنى أنت أوفر تبقى صفة ثم بلاش أفورة تبقى مصدر الكلمة، وذلك مجرد مثل على إبداع المصريين الذين حتى إذا استلفوا كلمة من هنا أو هناك أضافوا لها نكهة خاصة بهم. وللحق تلك كانت مجرد مقدمة لغوية تثقيفية لهؤلاء الذين لا يدركون أبعاد الحراك اللغوى، وهو مش موضوعنا خالص لكن موضوعنا هو أن البلد دى بقت أوفر.. أوفر.. أوفر.. شعباً ومسؤولين.
ودعنى أسوق لحضرتك مجرد مثالين للتدليل على الأفورة.
1 - الست أم أشرف: سيدة بسيطة يعلم الله ما الذى دفعها لأن تذهب للتجمع الخامس يوم محاكمة مرسى وجماعته وترفع صورة قائد الجيش فى وجه معارضيه وتصورها إحدى الكاميرات فى جدل بينها وبين مجموعة من الجماعة إياها، وهى تقول إنها تدافع عن أمن مصر وسلامتها فيمد لها شاب ما يده لينزع من يدها الصورة التى تحملها فتحاول ضرب يده وإبعادها فيضربها بيده، لغاية كده موقف عادى يتكرر كل يوم مئات وآلاف المرات اتنين مختلفين بيزقوا بعض صحيح أن الطرفين ليسا متكافئين لأن أحدهما سيدة عجوز والآخر شاب مفتول العضلات، وهو مما كان يدعونا لأن نسلط الضوء على الأمر فى حدود أنه مثال لقلة الأدب وعدم الاحترام للسن أو كمثال على أن الاختلاف فى مصر أصبح لغته الأيدى وليس الألسن مثلا، ولكن تحولت أم أشرف بين يوم وليلة فى بلد يعشق الأفورة إلى مصدر للصمود والوطنية وإجرام الإخوان وسفالتهم، وصارت أم أشرف نجمة الفضائيات وقيل إنها حصلت على شقة بدل الأوضة غير الآدمية التى تسكنها وأنه تم القبض على الشاب الذى مد لها يده وتحويله للمحاكمة.. لا يا جدعان كده أوفر.
2 - أحمد عبدالفتاح السيد صقر أو فلاجمان أو سبايدرمان المصرى: هل يذكر أحدكم هذا الاسم ربما نعم وغالبا لا، فلهؤلاء الذين لا يذكرون أذكركم، أحمد خريج صنايع من الشرقية يعمل نقاشا فى القاهرة وفى شهر أغسطس 2011 حين اندلعت مظاهرات ضد إسرائيل صعد واحد للسفارة اللى فى العمارة لينزل العلم الإسرائيلى ويضع العلم المصرى بدلاً منه، وطبعا أطلق عليه شباب التواصل الاجتماعى سبايدر مان المصرى أو فلاجمان أى فتى العلم، وحولته وسائل الإعلام لبطل وأخذوا منه تصريحات قال فى بعضها كما أنقله من الصحف فى ذلك الحين إنه لن يشارك فى مظاهرات أخرى ضد إسرائيل مكتفيا بإنجازه فى إنزال العلم، وصرح حينها صفوت حجازى الذى كان نجم المرحلة بأنه كان يتمنى أن يفعل ما فعله أحمد والتقاه ودعاه للسحور معه، وقال حرفاً اللى حيرش أحمد بالميه حنرشه بالدم.. آه والنعمة قال كده.. ثم التقاه محافظ الشرقية آنذاك الناصرى العتيد عزازى على عزازى ومنحه شقة.. ثم قامت خناقة بين أحمد وشاب تانى كل واحد فيهم بيقول إن هو اللى نزل العلم ووصل الأمر للتحقيق فى النيابة لإثبات من الذى أنزل العلم! كده كان أوفر.. صحيح أنا بكره إسرائيل زى شعبان عبدالرحيم لكن صحيح كمان أن الأعراف الدولية والدبلوماسية لا تقر إنزال علم لبلد لها تبادل دبلوماسى مع بلد آخر وإلا يُعد عملا عدائيا لكن ممكن الشعب يكره بلد ويتجه فرد لسفارة يتظاهر أمامها لكن مش طبيعى أن مسؤولى هذه الدولة يكرموه لهذا العمل العدائى، وصفوت حجازى يزيط فى الزيطة والإعلام يحولها لبطولة ويتخانق على مكاسبها شاب من هنا وهناك ويصير تسلق الجدران حلم كل شاب يتمنى أن يحصل على شقة وهى حق على الدولة أن توفرها له لكن ليس بتسلق الجدران وإنزال علم دولة لها علاقة بمصر، لأن كده كان أوفر.
لدى مئات من الأمثلة فأم أشرف وأحمد مجرد إشارة لبلد أوفر تذكرنى بمشهد فى فيلم أربعة فى مهمة رسمية لأحمد زكى حين حول الإعلام والمسؤولون المواطن البسيط أنور عبدالمولى إلى أسطورة، وجاء صوت المذيع يقول كلنا أنور عبدالمولى.. إلى الأمام يا عبدالمولى.. خلاص الشعوب على يدك يا عبدالمولى.. وعبدالمولى كان مجرد شاب يحمل «حمارا وقردا ومعزة» يبحث عن حياة كريمة.. لكننا فى بلد أوفورت الأوفر.. ثم ننسى أنور عبدالمولى وأمه لأننا فى المبتدأ والمنتهى أوفر!