إذا عرف السبب بطل العجب بالتأكيد. وإذا عرفنا سر إسراع الإخوان ومن معهم فى إطلاق ما يمكن تسميته تجاوزًا «مبادرة سياسية» للحوار مع الحكومة والقوى السياسية، سوف يتبدد اندهاشنا وتذهب حيرتنا. فالجماعة التى خسرت كل شىء فى الشارع المصرى، وبدأ الأصدقاء فى الخارج فى طى صفحة الإخوان، وعلى وشك أن ينفضوا من حولهم، والاعتراف بالأمر الواقع فى مصر، وبأن هناك ثورة حقيقية أطاحت بزمن الإخوان وبمشروعهم الفاشى.
الإخوان الآن مثل الغريق الذى يتعلق بقشة لإنقاذه من الغرق والموت فى اللحظة الأخيرة، فالمبادرة الأخيرة جاءت فى الوقت الضائع تمامًا، وبعد حدوث تغييرات سياسية داخلية وخارجية تجاوزت مسألة «الحوار العميق» الذى يطالبون به مع القوى السياسية، ولو نعرف بالضبط ما هو المقصود بالحوار العميق وأى عمق يريدون، كما أن الوقت تجاوز أيضا ما يقوم به بعض المحسوبين على الحكومة من طرح مبادرات وأفكار للتصالح مع هذه الجماعة الإرهابية دون أن يفوضهم الشعب فى ذلك، وأقصد بذلك ما قام به الأخ «فشير» مقرر لجنة حماية المسار الديمقراطى بمجلس الوزراء، من طرح مبادرة للتصالح مع الإخوان وبشكل مفاجئ، وبالتزامن الغريب مع مبادرة الإخوان ولم يطلب منه أحد ذلك، ولا نعرف رأى حكومة الدكتور الببلاوى فى هذه المبادرة الذى أطلقها فى توقيت مثير للتعجب والتساؤل الأخ عز الدين.
نقول للإخوان وبعض من المحسوبين على الحكومة وليس الشعب أن وقت المبادرات قد انتهى، ولا يمكن بهذه التخاريف تصوير أن هناك انقساما سياسيا داخل المجتمع المصرى، فالواقع أن هناك جماعة ترتكب كل أعمال العنف والقتل والشغب وإثارة الفتنة فى المجتمع، وتواجه دولة وشعبا أصدر قراره بالعزلة السياسية والاجتماعية ضد هذه الجماعة.
الجماعة التى ما زالت تعيش حالة الصدمة والإنكار لا تعترف بالواقع، وبأن هناك ثورة وتغييرا، وأن مرسى فى السجن، وأن لا عودة للوراء وإلى ما قبل 30 يونيو، ومع ذلك ورغم ضعف قدرتها على الحشد وخسارتها الحلفاء فى الداخل والخارج إلا من غوى وضل، ما زالت تعيش أوهام الماضى، وتفرض شروطا للحوار والتصالح.
لا نقول سوى «فات الميعاد» ولم يعد هناك بقايا أمل للجماعة وأذنابها سوى الاعتراف بالهزيمة والاعتذار للشعب المصرى عن كل الجرائم التى ارتكبوها فى حقها، وبعد ذلك له حق قبول الاعتذار من عدمه.