أكرم القصاص

دولة بلا تحويلة ونظام بلا قضبان

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013 07:25 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اتهامات وتصريحات، إقالات وعقوبات، وينتهى الأمر عند عامل التحويلة أو سائق القطار. ويبقى الحال على ما هو عليه من ضحايا وتعويضات وإقالات.

منذ 15 سنة على الأقل ونحن نعد بشكل سنوى ضحايا كوارث القطارات، ولا يمر عام إلا ونواجه كارثة أو أكثر يروح ضحيتها عشرات المواطنين فى تصادم قطارات مع بعضها، أو قطارات بسيارات وأتوبيسات، كانت آخر الكوارث القطار الذى سحق أتوبيس أطفال أسيوط منذ عام بالضبط، والذى تزامن مع ذكرى ضحاياه الأولى لقى 30 مواطنا مصرعهم وأصيب 20 آخرون، بعدما دهس قطار بضائع سيارة نقل وأتوبيسا عند مزلقان دهشور. سنسمع تصريحات كثيرة عن المزلقانات، ومسؤولية عمال المزلقانات، الغائبين عن المزلقانات، أو نائمين، ورعونة سائقى الأتوبيس والنقل، وعدم التزامهم. ربما يصدر وزير النقل قرارا بإقالة رئيس هيئة السكك الحديدية، أو يصدر رئيس الهيئة قرارا بإقالة المدير، والمسؤولين عن المنطقة، وطبعا سيكون من المطالب إقالة وزير النقل، الذى سبق أن تمت إقالته فى كارثة حريق قطار الصعيد فى عيد الأضحى قبل 11 سنة. بعدها تمت إقالة وزير النقل محمد منصور فى كارثة تصادم قطار العياط. ولا ننسى كارثة قطار كفر الدوار وغيرها. وقد أصبحت كوارث القطارات عندنا تواريخ يحسب الناس ما قبلها وما بعدها. فى كل مرة تتم إقالة وزير أو رئيس هيئة أو مدير، والقبض على سائق وعمال تحويلة أو مزلقان.

دائما كانت الحكومات تلقى المسؤولية إما على المواطنين أو على المزلقانات، ويتم القبض على سائقى القطارات وعمال المزلقانات، وتقديمهم للمحاكمات التى تنتهى عادة بتبرئتهم، مع الحديث عن المزلقانات القديمة المتهالكة والمنظومة المتردية، وضرورة تطوير المنظومة، التى لم تعد صالحة ولا قادرة على العمل. لأن صلاحيتها انتهت.

الكل يعلم المشكلات وهناك دراسات وتقارير تقصى حقائق فى أدراج الحكومة ورثتها عن حكومات سابقة، ويعلم من عاصروا هذه الكوارث، أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق نظام مبارك، الذى ترك القطارات عقودا بلا تطوير، ولا فكر فى استغلال الإمكانات المتاحة والعروض لإقامة شبكة جديدة للسكك الحديدية كان يمكنها أن تحل أزمة النقل، وتوقف نزيف السكك الحديدية. التى تحولت إلى أداة اغتيال، ونقل إلى الآخرة. ثم إن قضية المزلقانات وتطويرها، مستمرة من عقود، وبعد كارثة أسيوط كانت هناك خطط لا يبدو أنها تمت ولا خطت أى خطوة نحو التنفيذ. ولو استمرت الأوضاع بهذه الطريقة، علينا أن ننتظر المزيد من الكوارث، والمزيد من التصريحات والتعويضات والعزاءات.

لقد كتبت فى عام 2002 أن مصر دولة بلا تحويلة ونظامها بلا قضبان ولا مزلقان، ومايزال التوصيف قائما. وطالما تتكرر الحوادث بنفس السيناريو فهذا يعنى أن النظام لم يتغير. ولا يكفى معه تصريحات ودموع وتعويضات هزيلة، لأنه يتعلق بكيان الدولة وأمنها، ومواطنيها. ولهذا لا يمكن لأى دستور أو أى جدل سياسى عقيم أن يفيد، طالما استمرت المنظومة الفاسدة، العاجزة عن إغلاق المزلقانات، ووضع عمال فقراء، ومسؤولين مهملين، والاكتفاء عند كل كارثة بعقاب الصغار أو حتى الكبار من دون اكتشاف طريقة لإغلاق المزلقانات. وإلا فسوف نظل دولة بلا تحويلة ونظاما بلا قضبان.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة