«لا تسمح لهم بأن يأخذوك خلف مصنع الكراسى..»
إن لم تفهم التعبير السابق تعال نصنع له صيغة مختلفة تقول: «لا تسمح لهم أن يلعبوا معك لعبة شوف العصفورة».
ألم تكتف بـ34 شهرًا منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن من النظر إلى أعلى كلما قال لك أحدهم «بص العصفورة»، والعودة بعيونك خائبة الرجا إلى الأرض بعد سماع «طرقعة» القفا المتين على مؤخرة رأسك.
من مبارك إلى طنطاوى إلى مرسى وإخوانه، ثم أهل الوضع السلطوى المرتبك حاليا، الكل متعاقد مع العصفورة غير المرئية، ويفعلها معك، يصرف انتباهك إلى الأعلى، بينما هو يحفر لك أكبر خندق فى الأسفل.
الإخوان دخلوا بك إلى مغارة معركة مقارنة ضحايا رابعة بضحايا محمد محمود.. بسؤال من الشهيد ومن البلطجى؟، ثم استكملوا اللعبة بالسخرية والشماتة من هزيمة مصر أمام غانا، حتى تغفل أنت تمامًا عن تلك الحقيقة المدهشة القائلة بأن الجماعة فقدت قدرتها على الحشد، وعجزت على أن تجمع ألفًا أو اثنين أو حتى عشرة آلاف فى شوارع مصر نهار 19 نوفمبر، كما وعدت وهددت من قبل.
هل تريد أن تستخلص أمرًا آخر أكثر إثارة من بين ركام لعبة العصفورة الإخوانية؟! تعال..
مظاهرات 19 نوفمبر التى هدد الإخوان، ووعدوا بأنها ستكون مليونية كاسرة لسلطة 30 يونيو، هى أول مظاهرة جاءت بعد توسل ورجاء محمد مرسى فى بيانه من داخل السجن لجموع مؤيديه بأن يخرجوا للدفاع عن الشرعية، وبحجم المئات أو الآلاف الذين لم يتخطوا حاجز العشرة آلاف، سواء أمام قصر القبة أو المحافظات أو محمد محمود.. يمكنك أن تعرف حجم الإخوان الحقيقى فى الشارع الآن، وحجم معزة مرسى فى قلوب من يقول عنهم إنهم أنصار الشرعية.
العصفورة التى يستخدمها الفريق السياسى ورجال الأجهزة الأمنية أكثر براعة فى إلهاء الناس من عصفورة الإخوان، هى ناجحة حتى الآن فى جذب الجماهير والقوى السياسية، وصرفهم عن بناء الجسر الديمقراطى والقانونى الذى يعد الضمانة الحقيقية لبناء دولة ديمقراطية قادرة على مواجهة الطمع الدينى والعسكرى فى السلطة.
الأجهزة الأمنية أطلقت عصفورتها فى 19 نوفمبر، كان يمكنها أن تغلق الميدان كما فعلت من قبل، وكان يمكنها أن تحمى النصب التذكارى كما تحمى جميع منشآت الدولة من الاعتداء والضرب، لكنها أطلقت عصفورة التظاهر البذىء، وبلطجة بعض صغار المشردين الذين اعتدنا ظهورهم عقب كل مظاهرة فاشلة لا يتم الحشد لها، واعتمدت بشكل أساسى على غباء شباب الإخوان الذين رفعوا إشارة رابعة بجوار النصب التذكارى، وعبروا عن ذلك بالتوثيق فوتوغرافيًا وتليفزيونيًا، وكأنهم عبروا القناة، ليزداد ميثاق الربط بين العنف والدمار والإخوان غلظة، وقوة أمام أعين الجماهير التى ستعود أعينها من متابعة ما حدث فى ميدان التحرير ومحمد محمود من خراب ودمار وحرق للعلم المصرى لتجد قانونًا محكمًا يحمل عنوان مكافحة الإرهاب أو التظاهر أو أى عنوان يضمن للأجهزة الأمنية عملًا هادئًا ودعمًا شعبيًا فى مواجهة المخربين.
أنت ومعك القوى السياسية والأحزاب مشغولون بالبحث عن عصفورة ترشح سامى عنان وصوره بالبدلة المدنية، ومشغولون أكثر وأكثر بالجرى والمتابعة لعصفورة «كمل جميلك» وترشح السيسى رئسيًا، بينما أسفل أقدامكم أرض الواقع الخالية من أى تحركات لحركاتكم السياسية والحزبية، وستسمعون جيدًا صوت «طرقعة» القفا المعتبر حينما تكتشفون أن الناس تقف منتظمة بالطوابير للاستفتاء على الدستور، واختيار نواب البرلمان، ورئيس الجمهورية، دون أن تملك حركة ثورية أو حزب سياسى قائمة محترمة لمرشحين يمكنهم مغازلة الجمهور الذى أعادت الأجهزة الأمنية والسلطة الحالية تجهيزه وتنظيمه وتوجيهه، بينما كنت أنت مشغولًا بالاتجاه إلى اليمين واليسار والدوران حول نفسك بحثًا عن الصوت الغامض، وهو يقول: «شوف العصفورة»!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة