فى الفترة الأخيرة أصبحت أرى الأمور وكأنها لوحة «بازل» كل قطعة تكمل الأخرى وكل موقف وكل عبارة لها علاقة بأخرى بشكل ما، رابط هنا أو علاقة هناك تربط كل الأشياء ببعضها وما عليك عزيزى القارئ سوى أن تكتشفه حتى ترى الصورة بشكل أوضح.. وتعال جرب..
(1)
هل تسمح لى بأن أسير معك فى طريق تبرئة الفريق السيسى من كل الأخطاء وأدعمك فى تحميل حكومة الببلاوى المسؤولية كاملة عن حالة «الميوعة» والرقص على السلم التى نعيشها عقب رحيل غير المأسوف عليه محمد مرسى؟ ولكن قبل أن تفرح بذلك، دعنى أذكرك بأن الحكومة التى تشتمها ليل نهار وتتهمها بالفشل وعدم القدرة على إدارة البلاد يقودها ثلاثة رجال الأول الببلاوى، والثانى السيسى بصفته النائب الأول لرئيس الوزراء، والثالث زياد بهاءالدين بصفته النائب الثانى لرئيس الوزراء.
لا مفر من الانحياز يا صديقى، لا مفر من اتخاذ موقف، إما أن تشهر طبلتك وتبدأ فى «تظبيط» الإيقاع وفق النغمات التى تحبها السلطة، أو تفتح النوافذ لكى تدخل أشعة الشمس وتمارس دورها فى إيقاظ ضميرك، بخلاف ذلك سيصبح من العار الانضمام إلى ذلك الفريق الذى يريد أن ينجو بنفسه من احتمالية خسارة شىء ما عبر امتطاء حصان التوازن القائم على صناعة خلطة نقدية تتضمن قليلا من الإدانة لكل طرف على حدة، والعار يكمن يا صديقى فى هذا الإصرار على إغفال الحقيقة القائلة بأن هناك طرفا واحدا من بين كل هذه الأطراف هو الذى يملك سلطة اتخاذ قرار نافذ، وسلطة اتخاذ القرار القابل للتحقق تمنح صاحبها القدرة دون الباقين على إدارة الأزمة والتحكم فيها، وامتلاك طرف دون الباقين سلطة اتخاذ القرار والقدرة على تنفيذه عبر أجهزة الدولة التى يحكمها يشبه فى جوهره امتلاك «ولد الكوتشينة» الذى يملك وحده دون الباقين القدرة على أن يقش ويتحكم فى اللعبة.
(2)
بما أن الإخوان اختاروا السيسى لأنه يصلى ومتدين ويحفظ القرآن، ثم اعترفوا بأنفسهم أن السيسى فاسد وخائن ويكره الإسلام، إذن الإخوان الذين قالوا للناس اختارونا لأننا أهل دين وصلاة وقرآن لا يجب أن يغضبوا إذا قال لهم الناس أنتم خونة وتشوهون صورة الإسلام.
(3)
أنت ومعك القوى السياسية والأحزاب مشغولون بالبحث عن عصفورة ترشح سامى عنان وصوره بالبدلة المدنية، ومشغولون أكثر وأكثر بالجرى والمتابعة لعصفورة «كمل جميلك» وترشح السيسى رئيسا، بينما أسفل أقدامكم أرض الواقع الخالية من أى تحركات لحركاتكم السياسية والحزبية، وستسمعون جيدًا صوت «طرقعة» القفا المعتبر حينما تكتشفون أن الناس تقف منتظمة بالطوابير للاستفتاء على الدستور، واختيار نواب البرلمان، ورئيس الجمهورية، دون أن تملك حركة ثورية أو حزب سياسى قائمة محترمة لمرشحين يمكنهم مغازلة الجمهور الذى أعادت الأجهزة الأمنية والسلطة الحالية تجهيزه وتنظيمه وتوجيهه من جديد إلى حيث تريد هى لا حيث تريد أنت.
(4)
قبل شهور من الآن كنت تسمعهم يتحدثون عن مرسى، وكأنه صلاح الدين الأيوبى منقذ الأمة، وكاشف الغمة، كنت تسمعهم يصفونه بالرئيس الربانى المؤيد إلهياً والمصطفى سماوياً.. الآن تسمعهم يتحدثون عن الفريق أول عبدالفتاح السيسى وكأنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ مصر.
فى نهج البلاغة يقول سيدنا على - رضى الله عنه - احترسوا من صور الإطراء والمدح، فإن لهما ريحا خبيثة فى القلب، ويقول أيضاً إن كثرة المدح لمن يملكون الجاه والمال والسلطة تدهشهم حتى لتأخذهم العزة بالإثم، لما يدهش المدح فكرهم، ويشوش صوابهم، فيجعل الممدوح يشط فى أفعاله عن الصواب والحق.
إذن هل يجوز لنا أن نسأل: لماذا لا يرفض السلطان أو الحاكم أو الشخص، مديح المنافقين، بصيغة أخرى.. لماذا نقول دوما إن الصمت علامة كبرى من علامات الرضا، ولا نرى صمت الرؤساء وكبار رجال الدولة على من ينافقهم، وعدم ردعهم نوعا من الرضا والاستحسان، يدفعهم لابتذال نفاقهم أكثر وأكثر؟
(5)
فى خلفية هذا التريللر الإعلانى، أصوات صاخبة لإيقاع طبلة لا يعزف عليها سوى محترفين.. أساتذة فى تظبيط الإيقاع المريح لعين وأذن وقلب الجالسين على العرش.. استمتعوا بالفيلم!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة