قانون التظاهر الذى أصدره رئيس الجمهورية، هو البداية الحقيقية لبناء دولة القانون، بداية من الشارع وصولاً إلى مؤسسات الدولة، كل الدول التى تغنينا وتباهينا بعراقتها فى الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة لديها قانون لتنظيم التظاهر والاجتماعات والمواكب والاحتفالات السلمية وبعضها يطبق قانون أشد قسوة فى بعض مواده من قانون التظاهر الوليد فى مصر.
هناك مناحة من بعض الذين عايروا المصريين بالديمقراطية الغربية وبجنة الحريات العامة والخاصة فى أوروبا، بسبب صدور القانون الذى ينظم ولا يمنع حق التظاهر السلمى وحرية الرأى والتعبير العلنى، بشرط ألا تتحول تلك المسيرات والمظاهرات إلى أعمال عنف وتخريب وقتل واعتداء على المنشآت العامة والممتلكات الخاصة مثلما نراه الآن فى شوارع المحروسة من جماعة العنف والإرهاب وبعض أنصارها الذين يريدونها فوضى دون حاكم من تشريع أو قانون، العديد من القوانين فى دول العالم لا يسمح فيها بالتظاهر إلا بعد الموافقة عليها وصدور تصريح لتنظيمها، فلماذا هذه الضجة على شرط موافقة وزارة الداخلية على التظاهر أو الاجتماع.
هذا القانون ليس بدعة مصرية، وإنما هو شكل حضارى تلتزم به الدول لا ستكمال بناء مؤسساتها وفرض هيبتها وسلطتها بالقانون وليس بالقمع، فقانون التظاهر الغرض منه إعادة دولة القانون، ومصر فى حاجة إليه فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها، وبالتأكيد لن يغضب منه ويهاجمه إلا من لديه «فائض للفوضى» والعبث واللانظام، دون تقديم البديل المناسب لمواجهه ما يحدث فى الشارع المصرى من اشتباكات وأعمال عنف يومية من جماعة الإخوان وأنصارها، القانون ليس هو القانون المثالى بالطبع، لكنه إيجابى فى معظم مواده ووزارة الداخلية والدولة لن تسعى بالتأكيد إلى تحدى إرادة المصريين فى التظاهر السلمى، وشرط الموافقة لن يكون سيفاً عالقاً تلوح به فى وجه الراغبين فى تنظيم التظاهر، لأنه أهم مكاسب ثورتى الشعب فى 25 يناير و30 يونيو حتى الآن.
قانون تنظيم التظاهر يضع الدولة والحكومة فى أول اختبار حقيقى لهيبة الدولة للقضاء على مظاهر الفوضى والعشوائية والناس تترقب كيف سيتم تطبيقه على مظاهرات ومسيرات الإخوان التى أعلن من يمولها تحدى القانون بعد صدوره.
صدور القانون ليس ضد حرية الرأى والتعبير العلنى وليس ضد تنظيم المظاهرات والاجتماعات السلمية، لكنه موجه فى الأساس لجماعات الإرهاب والفوضى والقتل والجماعات الخارجة عن القانون.